للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي الظَّهر، وفي النفقة، فسميت غزوة العسرة، وتبوك المشهور فيها عدم الصرف؛ للتأنيث والعلمية، ومن صرفها أراد الموضع، ووقعت تسميتها بذلك في الأحاديث الصحيحة، منها حديث مسلم: "إنكم ستأتون غدًا عين تبوك"، وكذا أخرجه أحمد، والبزار، من حديث حذيفة، وقيل: سميت بذلك لقوله -صلى الله عليه وسلم- للرجلين اللذين سبقاه إلى العين: "ما زلتما تبوكانها منذ اليوم"، قال ابن قتيبة: فبذلك سميت عين تبوك، والَبَوْك كالْحَفْر. انتهى.

والحديث المذكور عند مالك، ومسلم بغير هذا اللفظ، أخرجاه من حديث معاذ بن جبل: "إنهم خرجوا في عام تبوك مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "إنكم ستأتون غدًا إن شاء الله تعالى عين تبوك، فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئًا"، فجئناها وقد سبق إليها رجلان، والعين مثل الشراك تَبِضّ بشيء من ماء … " فذكر الحديث في غسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجهه ويديه بشيء من مائها، ثم أعاده فيها، فجرت العين بماء كثير، فاستقى الناس.

وبينها وبين المدينة من جهة الشام أربع عشرة مرحلة، وبينها وبين دمشق إحدى عشرة مرحلة.

وكان السبب فيها ما ذكره ابن سعد، وشيخه، وغيره، قالوا: بلغ المسلمين من الأنباط الذين يَقْدَمون بالزيت من الشام إلى المدينة أن الروم جَمَعَت جموعًا، وأجلبت معهم لَخْم وجُذَام، وغيرهم من مُتَنَصِّرة العرب، وجاءت مقدمتهم إلى الْبَلْقاء، فَنَدَب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الناس إلى الخروج، وأعلمهم بجهة غزوهم، كما سيأتي في الكلام على حديث كعب بن مالك -رضي الله عنه-.

ورَوَى الطبرانيّ من حديث عمران بن حصين -رضي الله عنهما- قال: كانت نصارى العرب كتبت إلى هِرَقْل أن هذا الرجل الذي خرج يَدَّعي النبوة هلك، وأصابتهم سنون، فهَلَكت أموالهم، فبعث رجلًا من عظمائهم، يقال له قباذ، وجَهَّز معه أربعين ألفًا، فبلغ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ذلك، ولم يكن للناس قوة، وكان عثمان قد جَهَّز عِيرًا إلى الشام، فقال: يا رسول الله هذه مائتا بعير بأقتابها وأحلاسها، ومائتا أوقية، قال: فسمعته يقول: "لا يَضُرّ عثمان ما عَمِلَ بعدها"، وأخرجه الترمذيّ، والحاكم، من حديث عبد الرحمن بن حبان نحوه.

وذكر أبو سعيد في "شرف المصطفى"، والبيهقيّ في "الدلائل"، من طريق