للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شهر بن حَوْشب، عن عبد الرحمن بن غَنْم: أن اليهود قالوا: يا أبا القاسم إن كنت صادقًا فالْحَقْ بالشام، فإنها أرض المحشر، وأرض الأنبياء، فغزا تبوك لا يريد إلا الشام، فلما بلغ تبوك أنزل الله تعالى الآيات من سورة بني إسرائيل: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا} الآية [الإسراء: ٧٦]. انتهى، وإسناده حسنٌ، مع كونه مرسلًا.

(فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِن أَصْحَابِي أَرْسَلُونِي إِلَيْكَ يتَحْمِلَهُمْ)؛ أي: لتعطيهم ما يَحملون عليه أنفسهم، وأثقالهم (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("وَاللهِ لَا أَحْمِلُكُمْ عَلَى شيءٍ") وفي رواية للبخاريّ: "لا أجد ما أحملكم عليه"، وفي رواية موسى بن عقبة، عن ابن شهاب: "وجاء نفر كلهم معسر يستحملونه، لا يحبون التخلف عنه، فقال: لا أجد، قال: ومن هؤلاء نفر من الأنصار، ومن بني مزينة"، وفي مغازي ابن إسحاق: أن البكائين سبعة نفر: سالم بن عمير، وأبو ليلى بن كعب، وعمرو بن الحمام، وعبد الله بن مُغَفَّل، وقيل: ابن غنمة، وعلية بن زيد، وهرمي بن عبد الله، وعِرْباض بن سارية، وسلمة بن صخر، قال: فبلغني أن أبا ياسر اليهوديّ، وقيل: ابن يامين جَهَّز أبا ليلى، وابن مغفل، وقيل: كان في البكائين بنو مُقَرِّن السبعة: مَعْقِلٌ، وإخوته، قاله في "الفتح" (١).

(وَوَافَقْتُهُ وَهُوَ غَضْبَانُ) قال القرطبيّ رحمه الله: حلفه في تلك الحال يدلّ لمالك على صحّة قوله بلزوم حكم اليمين الواقعة في حال الغضب، وهو له حجة على الشافعيّ حيث قال: إنها لا تلزم، ويدلّ أيضًا على قول مالك حديث عديّ بن حاتم الآتي. انتهى (٢).

(وَلَا أَشْعُرُ) بضمّ العين، من باب قَعَد؛ أي: لا أعلم بغضبه -صلى الله عليه وسلم- (فَرَجَعْتُ حَزِينًا مِنْ مَنْعِ رَسُول اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَمِنْ مَخَافَةِ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قَدْ وَجَدَ) بفتح الواو والجيم، من باب وَعَدَ، يقال: وَجَدَ عليه مَوْجِدةً: إذا غضب (فِي نَفْسِهِ عَلَيَّ، فَرَجَعْتُ إِلَى أَصْحَابِي، فَأَخبَرْتُهُمُ الَّذِي قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فَلَمْ ألْبَثْ) بصيغة المتكلّم، وفي نسخة: "فلم يلبث" بصيغة الغائب؛ أي: لم يتأخّر (إِلَّا سُوَيْعَةً) تصغير ساعة للتقليل؛ أي: إلا زمنًا قليلًا (إِذْ سَمِعْتُ بِلَالًا) هو


(١) "الفتح" ٨/ ١١٢.
(٢) "المفهم" ٤/ ٦٣٠ - ٦٣١.