للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هو خير، فإن كفارتها تركُها"، فأشار أبو داود إلى ضعفه، وقال: الأحاديث كلها: "فليُكَفّر عن يمينه"، إلا شيئًا لا يُعبأ به، قال الحافظ: كأنه يشير إلى حديث يحيى بن عبيد الله، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، رفعه: "مَن حَلَفَ، فرأى غيرها خيرًا منها، فليأت الذي هو خير، فهو كفارته"، ويحيى ضعيف جدًّا.

قال: وقد وقع في حديث عديّ بن حاتم عند مسلم ما يوهم ذلك، وأنه أخرجه بلفظ: "مَن حَلَف على يمين، فرأى غيرها خيرًا منها، فليأت الذي هو خير، وليترك يمينه"، هكذا أخرجه من وجهين، ولم يذكر الكفارة (١)، ولكن أخرجه من وجه آخر بلفظ: "فرأى خيرًا منها، فليكفّرها، وليأت الذي هو خير"، ومداره في الطرُق كلها على عبد العزيز بن رُفيع، عن تميم بن طَرَفَة، عن عديّ، والذي زاد ذلك حافظ، فهو المعتمد.

قال الشافعيّ رحمه الله: في الأمر بالكفارة مع تعمد الحنث دلالةٌ على مشروعية الكفارة في اليمين الغموس؛ لأنها يمين حانثة، واستدلّ به على أن الحالف يجب عليه فعل أيّ الأمرين كان أولى، من المضيّ في حلفه، أو الحنث والكفارة، وانفصل عنه من قال: إن الأمر فيه للندب بما مضى في قصة الأعرابيّ الذي قال: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، فقال: أفلح إن صدق، فلم يأمره بالحنث والكفارة، مع أن حلفه على ترك الزيادة مرجوح بالنسبة إلى فعلها. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عبد الرحمن بن سَمُرة -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنف) هنا [٣/ ٤٢٧٣ و ٤٢٧٤] (١٦٥٢) و"الإمارة" [٤٧٠٧ و ٤٧٠٨]، و (البخاريّ) في "الأيمان والنذور" (٦٦٢٢) و"كفّارات الأيمان"


(١) لكن الرواية الثانية ليس فيها: "وليترك يمينه"، فتنبّه.
(٢) "الفتح" ١٥/ ٤١٦ - ٤١٧، كتاب "كفّارات الأيمان" رقم (٦٧٢١).