للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ) تقدّم توجيهه في الكلام على حديث أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه- قريبًا في قوله: "لا أحلف على يمين".

وقد اختُلِف فيما تضمّنه حديث عبد الرحمن بن سمرة -رضي الله عنه-، هل لأحد الحكمين تعلّقٌ بالآخر، أو لا؟ فقيل: له به تعلُّق، وذلك أن أحد الشقين أن يُعْطَى الإمارة من غير مسألة، فقد لا يكون له فيها أَرَبٌ، فيمتنع، فَيُلْزَمُ، فيَحْلِف، فأُمِر أن يَنظُر، ثم يفعل الذي هو أولى، فإن كان في الجانب الذي حَلَفَ على تركه، فيَحْنَثُ، ويُكَفِّر، ويأتي مثلُهُ في الشق الآخر، قاله في "الفتح" (١).

(فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا)؛ أي: رأيت غير المحلوف عليه، قال في "الفتح": وظاهر الكلام عود الضمير على اليمين، ولا يصحّ عوده على اليمين بمعناها الحقيقيّ، بل بمعناها المجازيّ، كما تقدم، والمراد بالرؤية هنا: الاعتقاديّة، لا البصريّة.

قال القاضي عياض رحمه الله: معناه إذا ظهر له أن الفعل، أو الترك خير له في دنياه، أو آخرته، أو أوفق لمراده وشهوته، ما لم يكن إِثْمًا.

قال الحافظ رحمه الله: ما تقدّم في حديث عديّ بن حاتم -رضي الله عنه-: "فرأى غيرها أتقى لله، فليأت التقوى"، يُشعر بقصر ذلك على ما فيه طاعة.

قال: وينقسم المأمور به أربعة أقسام: إن كان المحلوف عليه فعلًا، فكان الترك أولى، أو كان المحلوف عليه تركًا، فكان الفعل أولى، أو كان كل منهما فعلًا، وتركًا، لكن يدخل القسمان الأخيران في القسمين الأولين؛ لأن مِن لازم فعل أحد الشيئين، أو تركه، تركَ الآخر، أو فعله. انتهى (٢).

(فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ") كذا لكثير من الرواة، ووقع للأكثر منهم بلفظ: "فأت الذي هو خير، وكفّر عن يمينك وقد تقدّم ذكر من رواه بلفظ: "ثم ائت الذي هو خير"، ووقع في رواية عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، عند أبي داود: "فرأى غيرها خيرًا منها، فَلْيَدْعها، وليأت الذي


(١) "الفتح" ١٥/ ٤١٦ "كتاب كفّارات الأيمان" رقم (٦٧٢١ - ٦٧٢٢).
(٢) "الفتح" ١٥/ ٤١٦ رقم (٦٧٢١).