للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"فافعل هذين"، ولو قال كذلك لم يقتض ترتيبًا ولا تقديمًا، فكذلك إذا أتى بالواو.

وهذه الطريقة التي أشرنا إليها ذكرها بعض الفقهاء في اشتراط الترتيب في الوضوء، وقال: إن الآية تقتضي تقديم غسل الوجه، بسبب الفاء، وإذا وجب تقديم غسل الوجه وجب الترتيب في بقية الأعضاء اتفاقًا، وهو ضعيف لِمَا بيّناه.

٦ - (ومنها): أن الحديث يقتضي تأخير مصلحة الوفاء بمقتضى اليمين إذا كان غيره خيرًا، بنصّه.

وأما مفهومه: فقد يشير بأن الوفاء بمقتضى اليمين عند عدم رؤية الخير في غيرها مطلوب، وقد تنازع المفسرون في معنى قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا} الآية [البقرة: ٢٢٤]، وحمله بعضهم على ما دلّ عليه الحديث، ويكون معنى "عرضة"؛ أي: مانعًا، و"أن تبروا" بتقدير: من أن تبروا (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[تنبيه]: وقع في بعض النسخ في آخر هذا الحديث ما نصّه: (قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْجُلُودِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَاسَرْجَسِيُّ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ) هكذا في معظم النسخ، ووقع في النسخة الهنديّة: "قال أبو أحمد الْجُلوديّ: نا أبو العبّاس الْمَاسَرْجسيّ، قال: نا شيبان بن فَرُّوخَ، ثنا جرير بن حازم، بهذا الإسناد".

قال النوويّ رحمه الله: ومراده أنه علا برجل. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: معنى هذا الكلام أن أبا أحمد الجلوديّ روى هذا الحديث عن أبي إسحاق إبراهيم محمد بن سفيان، عن مسلم، عن شيبان بن فرّوخ، فكان بينه وبين شيبان واسطتان، فلما رواه، عن الماسرجسيّ، عن شيبان كان بينه وبين شيبان واسطة واحدة، فَعَلا برجل، والله تعالى أعلم.


(١) "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" ٣/ ١١٦ - ١١٨.