للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذلك؛ للخلاص من المحرم، أو المكروه. انتهى كلام ابن الملقّن رحمه الله (١).

٢ - (ومنها): أن في الحديث إشارةً إلى ألطاف الله تعالى بالعبد فيما قضاه وقدّره، وأوجبه عليه بالإعانة على إصابة الصواب في فعله وقوله، تفضلًا زائدًا على مجرد التكليف والهداية إلى النجدين، فإنه لما كان خطر الولاية عظيمًا، بسبب أمور في الوالي، وبسبب أمور خارجة عنه كان طلبها تكلّفًا، ودخولًا في غرر عظيم، فهو جدير بعدم العون، ولما كانت إذا أتت من غير مسألة لم يكن فيها هذا التكلف كانت جديرة بالعون على أعبائها وأثقالها، قال ابن دقبق العيد رحمه الله: وهي مسألة أصولية، كثر فيها الكلام في فنّها، والذي يحتاج إليه في الحديث ما أشرنا إليه الآن (٢).

٣ - (ومنها): أن من يتعاطى أمرًا سوّلت له نفسه أنه أهلٌ له لا يقوم به، بخلاف من عجَّز نفسه وقصرها عن ذلك، وهذا من ثمرات التواضع، فإن من سأل الإمارة لم يسألها إلا وهو يرى نفسه أهلًا لها، فيوكل إليها، فلا يُعان، ويُخذل (٣).

٤ - (ومنها): أن فيه بيانَ كرم الله عز وجل على عباده في عدم الوقوف عند الأيمان، وبأنه يَحْنَث فيها؛ لئلا يؤدّي ذلك إلى المنع من الخير، وترك البرّ (٤).

٥ - (ومنها): أن للحديث تعلقًا بالتكفير قبل الحنث، ومن يقول بجوازه قد يتعلق بالبداءة بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "فكفّر عن يمينك، وأْتِ الذي هو خير"، قال ابن دقيق العيد رحمه الله: وهذا ضعيف؛ لأن الواو لا تقتضي الترتيب، والمعطوف والمعطوف عليه بها كالجملة الواحدة.

وليس بجيد طريقة من يقول في مثل هذا إن الفاء تقضي الترتيب والتعقيب، فيقتضي ذلك أن يكون التكفير مستعقبًا لرؤية الخير في الحنث، فإذا استعقبه التكفير تأخر الحنث ضرورة، وإنما قلنا: "إنه ليس بجيد"؛ لِمَا بيّناه من حكم الواو فلا فرق بين قولنا: "فكفِّر، وأْتِ الذي هو خير" وبين قولنا:


(١) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ٩/ ٢٤٣ - ٢٤٤.
(٢) راجع: "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ٩/ ٢٤٥.
(٣) "الإعلام" ٩/ ٢٤٥.
(٤) "الإعلام" ٩/ ٢٤٨.