للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للعباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - لَمّا انهزَم الناس يوم حنين: "اصرُخ بالناس"، وكان العباس أجهر الناس صوتًا (١).

٨ - (ومنها): أن في الآية الردّ على المرجئة الذين يقولون: لا يضرّ مع الإيمان ذنبٌ أصلًا.

٩ - (ومنها): أنه ليس في الآية دليلٌ لمذهب الإحباطيّة الذين يقولون: إن السيّئات يُبطلن الحسنات، وقد حقّق القاضي أبو بكر بن العربي في الردّ عليهم تحقيقًا حسنًا، فقال: إن الإحباط إحباطان:

[أحدهما]: إبطال الشيء للشيء، وإذهابه جملةً، كإحباط الإيمان للكفر، والكفر للإيمان، وذلك في الجهتين إذهاب حقيقيّ.

[ثانيهما]: إحباط الموازنة، إذا جُعِلت الحسنات في كِفّة، والسيئات في كِفّة، فمَن رَجَحَت حسناته نجا، ومَن رَجَحت سيئاته وُقِّفَ في المشيئة، إما أن يُغْفَر له، وإما أن يُعَذَّب، فالتوقيف إبطالٌ ما؛ لأن توقيف المنفعة في وقت الحاجة إليها إبطال لها، والتعذيبُ إبطال أشدّ منه إلى حين الخروج من النار، ففي كلّ منهما إبطال نسبيّ، أُطلق عليه اسم الإحباط مجازًا، وليس هو إحباطًا حقيقةً؛ لأنه إذا أُخرج من النار، وأُدخل الجنة، عاد إليه ثواب عمله، وهذا بخلاف قول الإحباطيّة الذين سَوَّوا بين الإحباطين، وحَكَمُوا على العاصي بحكم الكافر، وهم معظم القدرية. انتهى (٢). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:

[٣٢٢] ( … ) - (وَحَدَّثَنَا قَطَنُ بْنُ نُسَيْرٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ خَطِيبَ الْأَنْصَار، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذ الْآيَةُ، بِنَحْوِ حَدِيثِ حَمَّادٍ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِ ذِكْرُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ).


(١) "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٣٠٧ - ٣٠٨.
(٢) راجع: "الفتح" ١/ ١٣٥ - ١٣٦ "كتاب الإيمان" رقم الحديث (٤٨).