بالألف، والوجه حذفها، لأن "إن" لا تحتمل هنا من وجه "إن" المكسورة إلا الشرطيّة، وهي جازمة، وعلى هذا يمكن تأويل هذه الرواية على أنه أُشبع فتحة الراء، فنشأت الألف، وليست من نفس الكلمة، ويجوز أن يكون جعل الألف في الرفع عليها حركة مقدّرة، فلما دخل الجازم حذف تلك الحركة، فبقيت الألف ساذَجَةً من الحركة، كما يكون الحرف الصحيح ساكنًا في الجزم، وعلى هذين الوجهين حُمل قوله تعالى:{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ}[يوسف: ٩٠] بإثبات الياء على قراءة ابن كثير، وكذا قول الشاعر [من الرجز]:
وقال السيوطيّ في "العقود" بعد كلام أبي البقاء: وقال ابن هشام في "تذكرته": جاء في باب الجوازم إهمال "إن" حملًا على "إذا"، نحو قراءة طلحة:{فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ}[مريم: ٢٦] حكاه في "المحتسب"، ومن هذا الحديثُ، وقال ابن مالك في "توضيحه" في حديث البخاريّ في قوله أبي جهل - لعنه الله - لصفوان:"متى يراك الناس قد تخلّفت، وأنت سيّد أهل الوادي تخلّفوا معك": تضمّن هذا الكلام ثبوت ألف "يراك" بعد: متى "الشرطيّة، وكان حقّها أن تُحذف، فيقال: متى يَرَكَ"، كما في قوله تعالى:{إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ}[الكهف: ٣٩].
وفي ثبوتها أربعة أوجه:
[إِحداها]: أن يكون مضارع راء بمعنى رأى، كقول الشاعر [من الطويل]:
ومضارعه يراءُ، فجُزم، فصار يَرَأ، ثم أبدلت همزته ألفًا، فثبتت في موضع الجزم، كما ثبتت الهمزة التي هي بدل منها، ومثله (أم ينبا) في وقف حمزة وهشام.
[الثاني]: "أن تكون "متى" شُبّهت بـ "إذا"، فأُهملت، كما شُبّهت "إذا" بـ "متى"، فأُعملت، كقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لعليّ وفاطمة - رضي الله عنهما -: "إذا أخذتما
(١) "إتحاف الحثيث بإعراب ما يُشكل من الحديث" ص ١٩١ - ١٩٢.