وأما تقييد الزكاة بالمفروضة، وهي المقدَّرة، فقيل: احترازٌ من الزكاة المعجلة قبل الحول، فإنها زكاة، وليست مفروضة، وقيل: إنما فَرّق بين الصلاة والزكاة في التقييد؛ لكراهة تكرير اللفظ الواحد، ويحتمل أن يكون تقييد الزكاة بالمفروضة، للاحتراز عن صدقة التطوع، فإنها زكاة لغوية.
وأما معنى إقامة الصلاة، فقيل: فيه قولان:
[أحدهما]: أنه إدامتها، والمحافظة عليها.
[والثاني]: إتمامها على وجهها، قال أبو عليّ الفارسيّ: والأول أشبه.
قال النوويّ: وقد ثبت في "الصحيح": أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اعتدلوا في الصفوف، فإن تسوية الصف من إقامة الصلاة"، ومعناه - والله أعلم - من إقامتها المأمور بها في قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البقرة: ٤٣]، وهذا يرجح القول الثاني، والله أعلم انتهى (١).
(وَتَصُومَ رَمَضَانَ") زاد في الرواية التالية: "قال: صدقت"، وفي رواية النسائيّ: "قال: إذا فعلت ذلك، فقد أسلمتُ؟ قال: نعم، قال: صدقتَ، فلما سمعنا قول الرجل: صدقتَ، أنكرناه".
وقوله: "تصوم رمضان"، فيه حجة لمذهب الجماهير، وهو المختار الصواب، أنه لا كراهة في قول "رمضان" من غير تقييد بالشهر، خلافًا لمن كرهه، وسيأتي تحقيق الخلاف في ذلك في "كتاب الصيام" - إن شاء الله تعالى - بدلائله، وشواهده.
(قَالَ) الرَّجُلُ (يَا رَسُولَ اللهِ) وفي رواية النسائيّ: "قال: يا محمد" (مَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ)، هكذا الرواية بإثبات ألف "تراه"، وكان حقّه أن تُحذف للجازم، كما قال في "الخلاصة":
وَأَيُّ فِعْلٍ آخِرٌ مِنْهُ أَلِفْ … أَوْ وَاوٌ أَوْ يَاءٌ فَمُعْتَلًّا عُرِفْ
فَالأَلِفَ انْوِ فِيهِ غَيْرَ الْجَزْمِ … وَأَبْدِ نَصْبَ مَا كـ "يَدْعُو" "يَرْمِي"
وَالرَّفْعَ فِيهِمَا انْوِ وَاحْذِفْ جَازِمَا … ثَلَاثَهُنَّ تَقْضِ حُكْمًا لَازِمَا
وقال أبو البقاء الْعُكبريّ في "إملائه": كذا وقع في هذه الرواية "تراه"
(١) "شرح النووي" ١/ ١٦٣.