للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

له: "إخوانكم خَوَلكم، فمن كان أخوه تحت يده". انتهى (١).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "كان بيني وبين رجل من إخواني"؛ يعني به: عبده، وأطلق عليه أنه من إخوانه لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إخوانكم خولكم"، ولأنه أخ في الدِّين. انتهى (٢).

(كَلَام) وفي الرواية التالية: "أنه سابّ رجلًا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" (وَكَانَتْ أَمُّهُ أَعْجَمِيةً) زاد في رواية للبخاريّ: "فنِلتُ منها"، والأعجميّ من لا يُفْصِح باللسان العربيّ، سواء كان عربيًّا أو عجميًّا (فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ)؛ أي: نسبته إلى العار، وفي رواية: "قلت له: يا ابن السوداء".

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: والفاء في "فعيّرته" قيل: هي تفسيرية، كأنه بَيَّن أن التعيير هو السب، والظاهر أنه وقع بينهما سباب، وزاد عليه التعيير، فتكون عاطفة، ويدلّ عليه رواية مسلم التالية: "قال: أعيّرته بأمه؟ فقلت: من سب الرجال سَبُّوا أباه وأمه".

[تنبيه]: في هذا الحديث دليل على جواز تعدية "عيّرته" بالباء، وقد أنكره ابن قُتيبة، وتبعه بعضهم، وأثبت آخرون أنها لغة، قاله في "الفتح" (٣)، وقال في موضع آخر: وفي قوله: "بأمّه" ردٌّ على من زعم أنه لا يتعدّى بالباء، وإنما يقال: عيّرته أمّه، ومثل الحديث قول الشاعر:

أَيُّهَا الشَّامِتُ الْمُعَيِّرُ بِالدَّهْرِ (٤)

وقال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وعَيَّرته كذا، وعَيَّرته به: قَبّحتُهُ عليه، ونَسَبْتُه إليه، يتعدَّى بنفسه، وبالباء، قال المرزوقيّ في "شرح الْحَمَاسَة": والمختار أن يتعدَّى بنفسه، قال الشاعر [من الطويل]:

أَعَيرْتَنَا أَلْبَانَهَا وَلُحُومَهَا … وَذَلِكَ عَارٌ يَا ابْنَ ريطَةَ ظَاهِرُ

يقول: عَيَّرتنا كثرة الإبل واللبن، وليس ذلك للتجارة، بل للضيوف،


(١) شرح النوويّ" ١١/ ١٣٢.
(٢) "المفهم" ٤/ ٣٥١.
(٣) "الفتح" ١/ ١٦٢ - ١٦٣، كتاب "الإيمان" رقم (٣٠).
(٤) "الفتح" ٦/ ٣٧٨، كتاب "العتق" رقم (٢٥٤٥).