للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذلك عارٌ لا يُستحيا منه. انتهى (١).

وعبارة "القاموس"، و"شرحه": وقد عَيَّرَهُ الأَمْرَ، ولا تَقُلْ: عَيَّرَه بالأَمْرِ، فإِنَّهُ قَولُ العَامَّة؛ هكذا صَوَّبَه الحَرِيرِيُّ في "دُرّة الغَوّاص"، وقد صَرَّح المَرْزوقيّ في شَرْحِ الحَمَاسة بأَنَّه يَتَعَدَّى بالباءِ، قال: والمختار تَعْديَتُه بنَفْسِه، قاله شَيْخُنا، وأَنشد الأَزهريُّ للنابِغَة:

وعَيّرَتْنِي بَنُو ذُبْيَانَ خَشْيَتَهُ … وهَلْ عَلَيَّ بأَنْ أَخْشَاكَ من عَارِ (٢).

وعبارة "شرح ديوان الْحَمَاسة" بعد قوله [من الطويل]:

تُعَيِّرُنَا أَنَّا قَلِيلٌ عَدِيدُنَا … فَقُلْتُ لَهَا إِنَّ الْكِرَامَ قَلِيلُ

ما نصّه: يقال: عَيَّرتُهُ كذا، وهو المختار الحسن، وقد جاء: عيّرته بكذا، قال عديٌ [من الخفيف]:

أَيُّهَا الشَّامِتُ الْمُعَيِّرُ بِالدَّهْـ … رِ أَأَنْتَ الْمُبَرَّأُ الْمَوْفُورُ (٣)

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق أن "أعيرته بأمه؟ " استعمال صحيح، وإن كان الأكثر تعديته إلى الثاني بنفسه أيضًا، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(فَشَكَانِي إلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-) وفي الرواية الآتية: "فأتى الرجل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فذكر ذلك له" (فَلَقِيتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ" أي: خَصْلةٌ من خصال الجاهلية، وقال في "الفتح": التنوين للتقليل، والجاهليّة: ما قبل الإسلام، ويَحْتَمِل أن يراد بها هنا الجهل؛ أي: إن فيك جهلًا (٤).

وقال أيضًا: والظاهر أن ذلك كان من أبي ذرّ -رضي الله عنه- قبل أن يعرف تحريمه، فكانت تلك الخصلة من خصال الجاهلية باقية عنده، فلهذا قال في الرواية الآتية: "قلت: على حال ساعتي هذه من الكبر؟ قال: نعم على حال ساعتك من الكبر"، كأنه تعجب من خفاء ذلك عليه، مع كبر سنه، فبيّن له -صلى الله عليه وسلم-


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٣٩.
(٢) "تاج العروس" ١/ ٣٢٦٦.
(٣) "شرح ديوان الحماسة" للمرزوقي الأصفهانيّ ١/ ٣١.
(٤) "الفتح" ١٣/ ٦٠٣، كتاب "الأدب" رقم (٦٠٥٠).