للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أدخنةٌ، ودواخِنُ، ودواخينُ. انتهى (١).

(فَلْيُقْعِدْهُ) بضمّ حرف المضارعة، من الإقعاد رباعيًّا؛ أي: فليُجلسه (مَعَهُ، فَلْيَأْكُلْ) وفي رواية إسماعيل بن أبي خالد، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عند أحمد، والترمذيّ: "فليُجلسه معه، فإن لم يجلسه معه فليناوله"، وفي رواية لأحمد عن عجلان، عن أبي هريرة: "فادعه، فإن أبى فاطعمه منه"، ولابن ماجه من طريق جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، عن أبي هريرة: "فليدعهن فليأكل معه، فإن لم يفعل فَلْيَأْخُذْ لُقْمَةً، فَلْيَجْعَلْهَا في يَدِهِ"، وفاعل "أبى"، وكذا: "إن لم يفعل" يَحْتَمِل أن يكون السيدَ، والمعنى: إذا ترفع عن مؤاكلة غلامه، ويَحْتَمِل أن يكون الخادمَ إذا تواضع عن مؤاكلة سيده، ويؤيد الاحتمال الأول أن في رواية جابر عند أحمد: "أُمِرنا أن ندعوه، فإن كَرِه أحدُنا أن يَطْعَم معه، فليُطعمه في يده"، وإسناده حسن، قاله في "الفتح" (٢).

(فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مَشْفُوهًا) بالشين المعجمة، والفاء، وفسّره الراوي بقوله: "قليلًا"، وأصل المشفوه: الماء الذي تَكْثُر عليه الشِّفَاه، حتى يَقِلّ، وقيل: أراد: فإن كان مكثورًا عليه؛ أي: كثُرت أَكَلَته، قاله ابن الأثير -رَحِمَهُ اللهُ- (٣).

وقال الزمخشريّ: وماءٌ مَشْفُوهٌ: كَثُرت عليه الواردة، وما أظنُّ إبلك إلا ستشفه علينا الماء، وما التَفّتِ الشفاهُ على كلام أحسن منه، قال: وطعام مشفوه: كثرت عليه الأيدي، وكاد العيال يشفهون مالي. انتهى (٤).

وقال في "الفتح": فيه إشارةٌ إلى أن محل الإجلاس، أو المناولة، ما إذا كان الطعام قليلًا، وإنما كان كذلك؛ لأنه إذا كان كثيرًا وَسِعَ السيدَ والخادمَ، والعلةُ في الأمر بذلك أن تسكن نفس الخادم بذلك، وهو حاصل مع الكثرة دون القلة، فإن القلة مَظِنّة أن لا يفضل منه شيء، ويؤخذ من قوله: "فإن كان مشفوهًا" أن الأمر الوارد لمن طَبَخَ بتكثير المرق ليس على سبيل الوجوب، والله أعلم (٥).


(١) "القاموس المحيط" ص ٤٢٠.
(٢) "الفتح" ١٢/ ٣٨٩ رقم (٥٤٦٠).
(٣) "النهاية" ٢/ ٤٨٨.
(٤) "أساس البلاغة" ١/ ٢٤٥.
(٥) "الفتح" ١٢/ ٣٩٠.