للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ماجه، وأحمد، وسعيد المقبريّ، عند الحميديّ، وإسماعيل بن أبي خالد، عن أبيه عند البخاريّ في "الأدب المفرد"، والترمذيّ، وابن ماجه، وأحمد، وعجلان، وهمّام، وعمّار بن أبي عمّار، وأبو صالح، وأبو سلمة عند أحمد، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): الحثّ على مكارم الأخلاق، والمواساة في الطعام، لا سيما في حقّ من صنعه، أو حمله؛ لأنه وَليَ حَرَّه ودخانه، وتعلقت به نفسه، وشمَّ رائحته.

٢ - (ومنها): أن فيه الأمر بتعلُّم التواضع، وترك الكبر على العبد، وهذا كان خُلُقه -صلى الله عليه وسلم-، فإنه كان يأكل مع العبد، ويطحن مع الخادم، ويشاركه في عمله، ويقول: "إنما أنا عبدٌ آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد" (١).

٣ - (ومنها): أنه اختُلف في حكم هذا الأمر بالإجلاس، أو المناولة، فقال الشافعيّ -رَحِمَهُ اللهُ- بعد أن ذكر الحديث: هذا عندنا -والله أعلم- على وجهين: أولهما معناه: أن إجلاسه معه أفضل، فإن لم يفعل فليس بواجب، أو يكون بالخيار بين أن يُجلسه، أو يناوله، وقد يكون أمره اختيارًا غير حتم. انتهى، ورجّح الرافعيّ الاحتمال الأخير، وحَمَل الأول على الوجوب، ومعناه أن الإجلاس لا يتعيّن، لكن إن فعله كان أفضل، وإلا تعيّنت المناولة، ويَحْتَمِل أن الواجب أحدهما لا بعينه، والثاني أن الأمر للندب مطلقًا، قاله في "الفتح" (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن وجوبه هو الأظهر؛ لظاهر الأمر، فتأمله بالإمعان، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.


(١) حديث صحيح، أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"، وأبو يعلى في "مسنده"، والطبراني في "معجمه".
(٢) "الفتح" ١٢/ ٣٩٠، كتاب "الأطعمة" رقم (٥٤٦٠).