للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"أن قتيلًا وُجد بين حيين، فأمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يقاس إلى أيهما أقرب، فألقى ديته على الأقرب"، ولكن سنده ضعيف.

وقال عبد الرزاق في "مصنّفه": قلت لعبيد الله بن عمر الْعُمَريّ: أعلمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقاد بالقسامة؟ قال: لا، قلت: فأبو بكر؟ قال: لا، قلت: فعمر؟، قال: لا، قلت: فَلِمَ تجترئون عليها؟، فسكت.

وأخرج البيهقي من طريق القاسم بن عبد الرحمن: أن عمر - رضي الله عنه -، قال: القسامة توجب العَقل، ولا تُسقط الدم، أفاده في "الفتح" (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق من احتجاج الفريقين على ثبوت القصاص بالقسامة، وعدمه، أن القول بثبوته هو الأرجح؛ لقوة أدلّته، كما سبق إيضاحه آنفًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): في اختلاف أهل العلم في عدد الحالفين في القسامة:

ذهب الأئمة: مالك، والليث، وربيعة، والثوريّ، والأوزاعيّ، وأحمد، وداود، وأهل الظاهر إلى وجوب كون العدد في القسامة خمسين، فلا يجزئ فيها أقلّ منهم، فإن كان المستحقّون خمسين، حلف كلّ واحد منهم يمينًا واحدة، فإن كانوا أقلّ من ذلك، أو نَكَل منهم من لا يجوز عفوه، رُدّت الأيمان عليهم بحسب عددهم، ولا يحلف في العمد أقلّ من اثنين من الرجال، لا يحلف فيه الواحد من الرجال، ولا النساءُ، يحلف الأولياء، ومن يستعين بهم الأولياء من العصبة خمسين يمينًا. واختُلف عن مالك فيما إذا زاد الأولياء على الخمسين، هل يحلف كلهم يمينًا، يمينًا؟ أويُقتصر منهم على خمسين؟، قال القرطبيّ: وهذا أولى؛ لقوله: "يحلف خمسون منكم"، و"من" للتبعيض، والخطاب لجميع الأولياء، فأفاد ذلك أنهم إذا حلف منهم خمسون أجزأ، أفاده في "المفهم" (٢).

وقال في "الفتح": اختُلِف في عدد الحالفين، فقال الشافعيّ: لا يجب الحق حتى يحلف الورثة خمسين يمينًا، سواء قَلُّوا، أم كثروا، فلو كان بعدد


(١) "الفتح" ١٦/ ٨٩ - ٩٠.
(٢) "المفهم" ٥/ ١١ - ١٢.