للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأيمان حلف كل واحد منهم يمينًا، وإن كانوا أقل، أو نَكَل بعضهم، رُدَّت الأيمان على الباقين، فإن لم يكن إلا واحد، حلف خمسين يمينًا واستحقّ، حتى لو كان من يرث بالفرض والتعصيب، أو بالنسب والولاء، حلف واستحق. وقال مالك: إن كان وليّ الدم واحدًا، ضُمَّ إليه آخر من العصبة، ولا يستعان بغيرهم، وإن كان الأولياء أكثر، حلف منهم خمسون، قال الليث: لم أسمع أحدًا يقول: إنها تنزل عن ثلاثة أنفس. وقال الزهريّ، عن سعيد بن المسيِّب: أول من نقص القسامة عن خمسين معاوية، قال الزهريّ: وقضى به عبد الملك، ثم ردّه عمر بن عبد العزيز إلى الأمر الأول. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: القول بتعيّن عدد الخمسين هو الأرجح؛ عملًا بظاهر النصّ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثامنة): في اختلاف أهل العلم فيمن يحلف في القسامة:

ذهبت طائفة إلى أنه لا يُشترط أن يكون من يحلف في القسامة رجلًا، ولا بالغًا؛ لإطلاق قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خمسين منكم"، وبه قال ربيعة، والثوريّ، والليث، والأوزاعيّ، وأحمد.

وذهب مالك إلى أنه لا مدخل للنساء في القسامة؛ لأن المطلوب في القسامة القتل، ولا يُسمع من النساء.

وذهب الشافعيّ إلى أنه لا يحلف في القسامة إلا الوارث البالغ؛ لأنها يمين، في دعوى حكمية، فكانت كسائر الأيمان، ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة، أفاده في "الفتح" (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: القول بعدم اشتراط الرجل والبالغ هو الأظهر؛ عملًا بإطلاق النصّ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة التاسعة): في اختلاف أهل العلم: هل القسامة معقولة المعنى، أم لا؟:

قال في "الفتح": واختُلِف في القسامة، هل هي معقولة المعنى، فيقاس عليها، أو لا؟، والتحقيق أنها معقولة المعنى، لكنه خفيّ، ومع ذلك، فلا


(١) "الفتح" ١٦/ ٩١.
(٢) "الفتح" ١٦/ ٩٢.