للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَالْعَيْنُ بَعْدَهُمُ كَأَنَّ حِدَاقَهَا … سُمِلَتْ بِشَوْكٍ فَهْيَ عُورٌ تَدْمَعُ

قال: والسَّمْر لغة في السَّمْل، ومخرجهما متقارب، قال: وقد يكون من المسمار، يريد أنهم كُحِلوا بأميال، قد أُحميت، قال الحافظ: قد وقع التصريح بالمراد عند البخاريّ من رواية وهيب، عن أيوب، ومن رواية الأوزاعيّ، عن يحيى، كلاهما عن أبي قلابة، ولفظه: "ثم أَمَرَ بمسامير، فأُحميت، فكَحَلهم بها"، فهذا يوضح ما تقدم، ولا يخالف ذلك رواية السَّمْل؛ لأنه فقء العين بأي شيء كان كما مضى. انتهى (١).

وقال النوويّ - رحمه الله -: قوله: "وسمل أعينهم" هكذا هو في معظم النسخ: "سَمَلَ" باللام، وفي بعضها: "سَمَرَ" بالراء، والميمُ مخفَّفة، وضبطناه في بعض المواضع في البخاريّ: "سَمَّرَ" بتشديد الميم، ومعنى "سَمَلَ" باللام: نَقّاها، وأذهب ما فيها، ومعنى "سَمَرَ" بالراء: كَحَلها بمسامير مَحْمِيّة، وقيل: هما بمعنى. انتهى (٢).

(وَتَرَكَهُمْ فِي الْحَرَّةِ) - بفتح الحاء المهملة، وتشديد الراء -: أرض ذات حجارة سُود، معروفة بالمدينة، وإنما أُلقوا فيها؛ لأنها قُرْبَ المكان الذي فَعَلوا فيه ما فعلوا (حَتَّى مَاتُوا) وفي رواية حجاج، عن أبي رجاء: "ثم نُبِذوا في الشمس حتى ماتوا"، وفي رواية أيوب، عن أبي رجاء: "وأُلقوا في الحرّة، يستسقون، فلا يُسقون"، وفي رواية شعبة عن قتادة عند البخاريّ: "يَعَضُّون الحجارة"، وعنده من رواية ثابت: "قال أنس: فرأيت الرجل منهم يَكْدُم الأرض بلسانه حتى يموت"، ولأبي عوانة: "يَعَضّ الأرض ليجد بَرْدَها، مما يجد من الحرّ والشدّة".

وزعم الواقديّ أنهم صُلِبُوا، والروايات الصحيحة ترُدّه، لكن عند أبي عوانة من رواية أبي عقيل، عن أنس: "فصَلَب اثنين، وقَطَع اثنين، وسَمَل اثنين"، كذا ذكر ستة فقط، قال الحافظ - رحمه الله -: فإن كان محفوظًا، فعقوبتهم كانت مُوَزَّعةً.

ومال جماعة، منهم ابن الجوزيّ إلى أن ذلك وَقَع عليهم على سبيل


(١) "الفتح" ١/ ٥٧٩ - ٥٨٠.
(٢) "شرح النوويّ" ١١/ ١٥٥.