الأنصار، قريب من عشرين، فأرسلهم إليهم، وبعث معهم قائفًا يقتصّ أثرهم"، قال الحافظ: ولم أقف على اسم هذا القائف، ولا على اسم واحد من العشرين، لكن في مغازي الواقديّ: أن السرية كانت عشرين رجلًا، ولم يقل: من الأنصار، بل سَمَّى منهم جماعةً من المهاجرين، منهم بُريدة بن الْحُصَيب، وسلمة بن الأكوع الأسلميان، وجندب، ورافع ابنا مُكيث الْجُهنيان، وأبو ذرّ، وأبو رُهْم الغفاريان، وبلال بن الحارث، وعبد الله بن عمرو بن عوف، المزنيان، وغيرهم، والواقديّ لا يحتج به إذا انفرد، فكيف إذا خالف، لكن يَحْتَمِل أن يكون من لم يسمّه الواقديّ من الأنصار، فأطلق الأنصار تغليبًا، أو قيل للجميع: أنصار بالمعنى الأعمّ.
وفي مغازي موسى بن عقبة أن أمير هذه السرية سعيد بن زيد، كذا عنده بزيادة ياء، والذي ذكره غيره أنه سعد - بسكون العين - ابن زيد الأشهليّ، وهذا أيضًا أنصاريّ، فَيَحْتَمِل أنه كان رأس الأنصار، وكان كُرز أمير الجماعة.
وروى الطبري وغيره من حديث جرير بن عبد الله البجليّ أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعثه في آثارهم، لكن إسناده ضعيف، والمعروف أن جريرًا تأخر إسلامه عن هذا الوقت بمدة، والله أعلم. انتهى (١).
(فَأُتِيَ بِهِمْ)؛ أي: إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أُسارى، وفي رواية للبخاريّ: "فلما ارتفع النهار جيء بهم"؛ أي: فأدركوا في ذلك اليوم، فأُخذوا، فلما ارتفع النهار جيء بهم أسارى.
(فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ) وفي رواية البخاريّ: "فأمر بقطع أيديهم وأرجلهم"، قال الداوديّ - رحمه الله -: يعني قطع يَدَيْ كلِّ واحد ورجليه، وتعقّبه الحافظ بأنه تردّه رواية الترمذيّ: "من خلاف"، وكذا ذكره الإسماعيليّ، عن الفريابيّ، عن الأوزاعيّ، بسنده.
(وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ) بتخفيف الميم، واللام، وفي رواية أبي قلابة: "وَسُمِرت أعينهم"، قال الخطابيّ: السَّمْلُ: فَقْءُ العين بأي شيء كان، قال أبو ذؤيب الْهُذَليّ: