أنس - رضي الله عنه - من المكثرين السبعة، روى (٢٢٨٦) حديثًا، وهو آخر من مات من الصحابة بالبصرة، وقد جاوز عمره مائة سنة، وهو الخادم الشهير، خدم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين، فنال بركته.
شرح الحديث:
(عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ) جدّه (أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) - رضي الله عنه - (أَنَّ يَهُودِيًّا) قال الحافظ - رحمه الله -: لم أقف على اسمه (قَتَلَ جَارِيَةً) وفي رواية: "رَضّ رأس جارية"، الرَّضّ - بالضاد المعجمة - والرضخ بمعنى واحد، والجارية يَحْتَمِل أن تكون أمةً، ويَحْتَمِل أن تكون حرّةً، لكن دون البلوغ، وفي رواية:"خرجت جارية، عليها أوضاح بالمدينة، فرماها يهوديّ بحجر"، وفي رواية:"عَدَا يهوديّ على جارية، فأخذ أوضاحًا كانت عليها، ورَضَخ رأسها - وفيه -: فأتى أهلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي في آخر رَمَقٍ"، وهذا لا يعيّن كونها حرّةً؛ لاحتمال أن يراد بأهلها مواليها، رقيقةً كانت، أو عتيقةً، قال الحافظ أيضًا: ولم أقف على اسمها، لكن في بعض طرقه أنها من الأنصار، ولا تنافي بين قوله:"رَضّ رأسها بين حجرين"، وبين قوله:"رماها بحجر"، وبين قوله:"رضخ رأسها"؛ لأنه يُجْمَع بينها بأنه رماها بحجر، فأصاب رأسها، فسقطت على حجر آخر.
وقوله:(عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا)"على" بمعنى الباء؛ أي: بسبب أوضاح، وهي بالضاد المعجمة، والحاء المهملة: جمع وَضَحٍ، قال أبو عبيد: هي حلي الفضة، ونقل عياض: أنها حليّ من حجارة، ولعله أراد حجارة الفضة؛ احترازًا من الفضة المضروبة، أو المنقوشة، قاله في "الفتح"(١).
(فَقَتَلَهَا بِحَجَرٍ - قَالَ - فَجِيءَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَبِهَا رَمَقٌ) بفتحتين: بقيّة الحياة والروح (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (لَهَا)؛ أي: لتلك الجارية ("أَقَتَلَكِ فُلَانٌ؟ ") وفي رواية: "فقيل لها: من فعل بك هذا؟ أفلان، أو فلان؟ حتى سَمّى اليهوديّ"، وفي رواية:"فلان، أو فلان" بحذف الهمزة، وفي رواية:"أفلان؟ أفلان؟ " بالتكرار بغير واو عطف (فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لَا)؛ أي: بأنه لم يقتلها (ثُمَّ قَالَ
(١) "الفتح" ١٦/ ٢٥ - ٢٦، كتاب "الديات" رقم (٦٨٧٦).