لَهَا الثَّانِيَةَ، فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لَا، ثُمَّ سَأَلهَا الثَّالِثَةَ، فَقَالَتْ)؛ أي: أشارت، كما في الرواية الأخرى (نَعَمْ) فقوله: (وَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا) تأكيد لمعنى "قالت"، ووقع في رواية للبخاريّ بيان الإيماء المذكور، وأنه كان تارة دالًّا على النفي، وتارةً دالًّا على الإثبات، ولفظه:"فلان قتلك؟ فرفعت رأسها، فأعاد، فقال: فلان قتلك، فرفعت رأسها، فقال لها في الثالثة: فلان قتلك، فخفضت رأسها"، وهو مشعر بأن فلانًا الثاني غير الأول، وقد وقع التصريح بذلك في رواية أخرى:"فأتى بها أهلها رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي في آخر رَمَق، وقد أُصمتت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قتلك فلان؟ لغير الذي قتلها، فأشارت برأسها أن لا، قال: فقال لرجل آخر غير الذي قتلها، فأشارت أن لا، فقال: ففلان؟ لقاتلها، فأشارت أن نعم".
(فَقَتَلَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ حَجَرَيْنِ) وفي الرواية الآتية: "فأُخِذ اليهوديّ، فأقرّ، فأَمَر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُرَضّ رأسه بالحجارة"، وفي رواية البخاريّ: "فأُتي به النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فلم يزل به حتى أَقَرّ"، وفي رواية: "فجيء به يعترف، فلم يزل به حتى اعترف".
قال أبو مسعود: لا أعلم أحدًا قال في هذا الحديث: "فاعتَرَف"، ولا "فأقرّ" إلا همام بن يحيى (١).
وقوله:(فَقَتَلَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ حَجَرَيْنِ) وفي رواية: "فَرَضّ رأسه بالحجارة"؛ أي: دَقّ، وفي رواية: "فَرَضَخ رأسه بين حجرين"، قال القاضي عياض: رَضْخُه بين حجرين، ورَمْيُه بالحجارة، ورَجْمه بها بمعنى، والجامع أنه رمي بحجر، أو أكثر، ورأسه على آخر.
وقال ابن التين: أجاب بعض الحنفية بأن هذا الحديث لا دلالة فيه على المماثلة في القصاص؛ لأن المرأة كانت حيّةً، والقَوَد لا يكون في حيّ.
وتعقبه بأنه إنما أمر بقتله بعد موتها؛ لأن في الحديث: "أفلان قتلك؟ "، فدلّ على أنها ماتت حينئذ؛ لأنها كانت تجود بنفسها، فلما ماتت اقتُصّ منه.
وادَّعَى ابن المرابط من المالكية أن هذا الحكم كان في أول الإسلام،