للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

باعتدائه عليك، قاله الفيّوميّ - رحمه الله - (١).

وقوله: (مَا تَأْمُرُنِي؟) "ما" استفهاميّة والاستفهام إنكاريّ؛ أي: أيّ شيء تأمرني به؟.

وقوله: (تَقْضَمُهَا كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ)؛ أي: يعضّها كما يعضّ الفحل، كما في الرواية الأخرى، يقال: قَضِمت الدابّة شعيرها بكسر الضاد تَقْضَمه بفتحها على اللغة الفصيحة: إذا أكلته بأطراف أسنانها، وخَضِمته - بالخاء المنقوطة بواحدة من فوقها -: إذا أكلته بفيها كلِّه، ويقال: الخضم: أكل الرُّطب واللَّيِّن، والقضم: أكل اليابس، ومنه قول الحسن: تخضمون ونقضم، والموعد: الحساب (٢).

[تنبيه]: قال في "الفتح": وقد حَكَى الكرمانيّ أنه رأى مَن صَحَّف قوله: "كما يقضم الفحل" بالجيم بدل الحاء المهملة، وحمله على البقل المعروف، وهو تصحيف قبيح. انتهى (٣).

وقوله: (ادْفَعْ يَدَكَ. . . إلخ) هذا أمر على جهة الإنكار، كما قال قبل ذلك: "بم تأمرني؟ تأمرني أن آمره. . . إلخ".

قال النوويّ - رحمه الله -: قوله: "ادفع يدك حتى يعضها ثم انتزعها" ليس المراد بهذا أمره بدفع يده ليعضها، وإنما معناه الإنكار عليه؛ أي: إنك لا تدع يدك في فيه يعَضّها، فكيف تنكر عليه أن ينتزع يده من فيك، وتطالبه بما جنى في جذبه لذلك؟ انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: هكذا ذكر النوويّ في "شرحه"، ومن الغريب أن صاحب "الفتح" قال: لم يتكلّم النوويّ على رواية ابن سيرين، ودونك عبارته:

[تنبيه]: لم يتكلم النوويّ على ما وقع في رواية ابن سيرين، عن عمران، فإن مقتضاها إجراء القصاص في الْعَضّة، قال: وقد يقال: إن الْعَضّ هنا إنما أَذِن فيه للتوصل إلى القصاص في قلع السنّ، لكن الجواب السديد في هذا أنه استفهمه استفهام إنكار، لا تقرير شرع، هذا الذي يظهر لي، والله أعلم. انتهى (٤).

وقد عرفت أن النوويّ تكلم بما استظهره صاحب "الفتح" أخيرًا،


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٣٩٧ - ٣٩٨.
(٢) "المفهم" ٥/ ٣٢.
(٣) "الفتح" ١٦/ ٦٧.
(٤) "الفتح" ١٦/ ٦٧ رقم (٦٨٩٢).