(وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ)؛ أي: مَن قَتَل عمدًا بغير حقّ قُتل بشرطه، ووقع في حديث عثمان - رضي الله عنه -: "قَتَل عمدًا، فعليه الْقَوَد"، وفي حديث جابر عند البزار:"ومن قَتَل نفسًا ظلمًا" (وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ، الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ") كذا هو عند البخاريّ في رواية أبي ذرّ، عن الكشميهنيّ، وللباقين: "والمارق من الدين"، لكن عند النسفيّ، والسرخسيّ، والمستملي: "والمارق لدينه".
قال الطيبيّ - رحمه الله -: المارق لدينه: هو التارك له، من المروق، وهو الخروج، والمراد بالجماعة: جماعة المسلمين؛ أي: فارقهم، أو تركهم بالارتداد، فهي صفة للتارك، أو المفارق، لا صفة مستقلّة، وإلا لكانت الخصال أربعًا، وهو كقوله قبل ذلك: "مسلم يشهد أن لا إله إلا الله"، فإنها صفة مفسِّرة لقوله: "مسلم"، وليست قيدًا فيه؛ إذ لا يكون مسلمًا إلا بذلك، قال الحافظ - رحمه الله -: ويؤيد هذا أنه وقع في حديث عثمان - رضي الله عنه -: "أو يكفر بعد إسلامه"، أخرجه النسائيّ بسند صحيح، وفي لفظ له صحيح أيضًا: "ارتد بعد إسلامه"، وله من طريق عمرو بن غالب، عن عائشة - رضي الله عنها -: "أو كَفَرَ بعد ما أسلم"، وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، عند النسائيّ: "مُرْتَدّ بعد إيمان".
قال ابن دقيق العيد - رحمه الله -: الردة سبب لإباحة دم المسلم بالإجماع في الرجل، وأما المرأة ففيها خلاف، وقد استُدِلّ بهذا الحديث للجمهور في أن حكمها حكم الرجل؛ لاستواء حكمهما في الزنا.
وتُعُقّب بأنها دلالة اقتران، وهي ضعيفة.
وقال البيضاويّ - رحمه الله -: "التارك لدينه" صفة مؤكِّدة لـ "المارق"؛ أي: الذي ترك جماعة المسلمين، وخرج من جملتهم، قال: وفي الحديث دليل لمن زعم أنه لا يُقتل أحد دخل في الإسلام بشيء غير الذي عُدِّد، كترك الصلاة، ولم ينفصل عن ذلك، وتبعه الطيبيّ.
وقال ابن دقيق العيد: قد يؤخذ من قوله: "المفارق للجماعة" أن المراد المخالف لأهل الإجماع، فيكون مُتَمَسَّكًا لمن يقول: مخالف الإجماع كافر، وقد نُسِب ذلك إلى بعض الناس، وليس ذلك بالهيِّن، فإن المسائل الإجماعية تارةً يصحبها التواتر بالنقل عن صاحب الشرع، كوجوب الصلاة مثلًا، وتارةً لا