وَلَد آدم، ويقال: إنه لم يولد في الجنّة لآدم غيره وغير توأمته، ومن ثَمّ فَخَر على أخيه هابيل، فقال: نحن من أولاد الجنّة، وأنتما من أولاد الأرض، ذكر ذلك ابن إسحاق في "المبتدإ".
وعن الحسن: ذُكر لي أن هابيل قُتل وله عشرون سنة، ولأخيه القاتل خمس وعشرون سنة. وتفسير هابيل: هبة الله، ولَمّا قُتل هابيل، وحزِن عليه آدم وُلد له بعد ذلك شيث، ومعناه عطيّة الله، ومنه انتشرت ذرّية آدم.
وقال الثعلبيّ: ذَكَر أهلُ العلم بالقرآن أن حوّاء وَلَدت لآدم أربعين نفسًا في عشرين بطنًا، أولهم قابيل، وأخته إقليما، وآخرهم عبد المغيث، وأمة المغيث، ثم لم يَمُت حتى بلغ ولده، وولد ولده أربعين ألفًا، وهلكوا كلّهم، فلم يبق بعد الطوفان إلا ذرّيّة نوح، وهو من نسل شيث، قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (٧٧)} [الصافات: ٧٧]، وكان معه في السفينة ثمانون نفسًا، وهم المشار إليهم بقوله تعالى:{وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ}[هود: ٤٠]، ومع ذلك فما بقي إلا نَسْل نوح، فتوالدوا حتى ملأوا الأرض. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذه الحكايات معظمها تكون من الإسرائيليّات، فالله تعالى أعلم بصحّتها.
[تنبيه]: اختُلف في كيفيّة قتله، وموضعه: فعن السدّيّ: شَدَخ رأس أخيه بحجر، فمات. وعن ابن جريج: تمثّل له إبليس، فأخذ بحجر، فشدخ به رأس طير، ففعل ذلك قابيل، وكان ذلك على جبل ثور. وقيل: على عقبة حراء. وقيل: بالهند. وقيل: بموضع المسجد الأعظم بالبصرة، وكان من شأنه في دفنه ما قصّه الله تعالى في كتابه. قاله في "الفتح".
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذه الاختلافات من جنس ما قبلها، لا يُعتمد على شيء منها؛ إذ لا تَعتمد على حُجة، فلا ينبغي الركون إليها، وإنما الركون والاعتماد على ما قصّه الله في كتابه العزيز، فقط، حيث قال الله - سبحانه وتعالى -: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا} إلى قوله - عز وجل -: {فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ}[المائدة: ٢٧ - ٣١]، والله تعالى أعلم.
(١) "الفتح" ١٦/ ١٥ - ١٦، كتاب "الديات" رقم (٦٨٦٧).