للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للمبتدإ، والتقدير: أول القضاء بين الناس يوم القيامة كائن في الأمر المتعلّق بالدماء؛ أي: التي وقعت بينهم في الدنيا، ويَحْتمل أن تكون "ما" موصولًا اسميًّا، ويكون التقدير: أول الأمر الذي يُقضَى فيه بينهم هو الأمر الكائن في الدماء، ويَحْتَمل أن تكون نكرة موصوفة، والتقدير: أول شيء يُقضى فيه الأمر الكائن في الدماء.

[فإن قلت]: هذا يعارض حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - رفعه: "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته. . ." الحديث، أخرجه أصحاب السنن، فكيف يُجمع بينهما؟.

[قلت]: يُجمع بينهما بأن هذا محمول على ما يتعلق بمعاملات الخلق، والثاني فيما يتعلق بعبادة الخالق، أو هذا من فعل السيّئات، وذاك من ترك العبادات، وقيل: المحاسبة غير القضاء، فتكون المحاسبة أَوّلًا في الصلاة، ويكون القضاء أوّلًا في الدماء، وقيل غير ذلك.

وقد جمع النسائيّ في روايته في حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - بين الخبرين، ولفظه: "أول ما يحاسب العبد عليه صلاته، وأول ما يقضى بين الناس في الدماء".

قال في "الفتح": وتقدّم في تفسير "سورة الحجّ" ذكر هذه الأولية بأخصّ مما في حديث الباب، وهو عن عليّ - رضي الله عنه - قال: "أنا أول من يجثو للخصومة يوم القيامة، يعني هو ورفيقاه: حمزة، وعُبيدة، وخصومهم: عتبة، وشيبة، ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، الذين بارزوا يوم بدر، قال أبو ذرّ - رضي الله عنه -: فيهم نزلت: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} الآية [الحج: ١٩]، قال: وفي حديث الصُّوْر الطويل، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - رفعه: "أول ما يُقْضَى بين الناس في الدماء، ويأتي كلُّ قتيل قد حَمَل رأسه، فيقول: يا رب سَلْ هذا فيم قتلني. . ."، الحديث، وفي حديث نافع بن جبير، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - رفعه: "يأتي المقتول مُعَلِّقًا رأسَهُ بإحدى يديه، مُلَبِّبًا قاتله بيده الأخرى، تَشْخُب أوداجه دمًا، حتى يقفا بين يدي الله. . ." الحديث، ونحوه عند ابن المبارك، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - موقوفًا.