للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"ثلاث متواليات"، فقال ابن التين: الصواب: "ثلاثة متوالية"؛ يعني: لأن المميِّز الشهرُ، قال: ولعله أعاده على المعنى؛ أي: ثلاث مُدَد متواليات. انتهى، وزاد الحافظ: أو باعتبار العدة، مع أن الذي لا يُذْكَر التمييز معه يجوز فيه التذكير والتأنيث. انتهى (١).

(ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ) قال النوويّ - رحمه الله -: أما ذو القعدة، فبفتح القاف، وذو الحجة، بكسر الحاء، هذه هي اللغة المشهورة، ويجوز في لغة قليلة كسر القاف، وفتح الحاء. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: وإلى هذا الضبط أشار بعضهم بقوله:

وَفَتْحَ قَافِ قَعْدَةٍ قَدْ رَجَّحُوا … وَكَسْرَ حَاءِ حِجَّةٍ قَدْ صَحَّحُوا

وقال في "الفتح": إنما ذكرها من سنتين لمصلحة التوالي بين الثلاثة، وإلا فلو بدأ بالمحرّم لفات مقصود التوالي، وفيه إشارة إلى إبطال ما كانوا يفعلونه في الجاهلية، من تأخير بعض الأشهر الحرم، فقيل: كانوا يجعلون المحرَّم صَفَرًا، ويجعلون صفرًا المحرم؛ لئلا يتوالى عليهم ثلاثة أشهر، لا يتعاطون فيها القتال، فلذلك قال: "متواليات"، وكانوا في الجاهلية على أنحاء: منهم من يسمى المحرَّم صفرًا، فيُحِلّ فيه القتال، ويحرِّم القتال في صفر، ويسميه المحرم، ومنهم من كان يجعل ذلك سنة هكذا، وسنة هكذا، ومنهم من يجعله سنتين هكذا، وسنتين هكذا، ومنهم من يؤخِّر صفرًا إلى ربيع الأول، وربيعًا إلى ما يليه، وهكذا إلى أن يصير شوال ذا القعدة، وذو القعدة ذا الحجة، ثم يعود، فيعيد العدد على الأصل. انتهى (٢).

(وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ) قال في "الفتح": أضافه إليهم لأنهم كانوا متمسكين بتعظيمه، بخلاف غيرهم، فيقال: إن ربيعة كانوا يجعلون بدله رمضان، وكان من العرب من يجعل في رجب وشعبان ما ذُكر في المحرّم وصفر، فيحلّون رجبًا، ويحرِّمون شعبان، ووصفه بقوله: (الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ) تأكيدًا، وكان أهل الجاهلية قد نسئوا بعض الأشهر الحرم؛ أي: أخَّروها، فيُحِلُّون


(١) "الفتح" ١٠/ ١٧٦ رقم (٤٦٦٢).
(٢) "الفتح" ١٠/ ١٧٦، كتاب "التفسير" رقم (٤٦٦٢).