للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أفضل في نفسي (١) من عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبي بكرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس، فقال: "ألا تدرون أيُّ يوم هذا؟ "، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: "أليس بيوم النحر؟ "، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: "أيّ بلد هذا؟ أليست بالبلدة؟ "، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: "فإن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، وأبشاركم (٢)، عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟ "، قلنا: نعم، قال: "اللهم اشهد، فليبلغ الشاهدُ الغائبَ، فإنه ربّ مُبَلَّغ يبلِّغه من هو أوعى له"، فكان كذلك (٣)، قال: "لا ترجعوا بعدي كفارًا، يضرب بعضكم رقاب بعض".

فلما كان يومُ حُرِّقَ ابنُ الحضرميّ (٤) حين حرَّقه جارية بن قدامة، قال: أَشْرِفوا على أبي بكرة (٥)، فقالوا: هذا أبو بكرة يراك (٦)، قال عبد الرحمن: فحدثتني أمي (٧)، عن أبي بكرة، أنه قال: لو دخلوا عليّ ما بَهِشتُ بِقَصَبَةٍ (٨). انتهى (٩).


(١) قوله: "رجل آخر" هو حميد بن عبد الرحمن بن عوف.
(٢) (أبشاركم) جمع بشرة وهي ظاهر الجلد من الإنسان.
(٣) (فكان كذلك) من كلام محمد بن سيرين؛ أي: وقع ما قاله - صلى الله عليه وسلم -، فقد بلّغ كثيرون غيرهم، وكان المبلَّغون أحفظ وأكثر فهمًا من المبلِّغين.
(٤) (ابن الحضرمي) هو: عبد الله بن عمرو بن الحضرمي. وكان معاوية - رضي الله عنه - أرسل ابن الحضرمي يستنصر أهل البصرة على علي - رضي الله عنهم -، فوجّه علي - رضي الله عنه - جارية بن قدامة فحصره، فتحصَّن ابن الحضرمي في دار فأحرقها عليه. وكان هذا سنة ثمان وثلاثين. راجع: "الفتح" ١٦/ ٤٧٣، كتاب "الفتن" رقم (٧٠٧٨).
(٥) (أشرفوا على أبي بكرة) ليروا هل هو منقاد لعلي - رضي الله عنه - أم لا؟ وكان أبو بكرة - رضي الله عنه - يسكن البصرة.
(٦) (يراك) وما صنعت بابن الحضرمي؛ أي: ولم يُنكر عليك بكلام ولا بسلاح.
(٧) (أمي) هالة بنت غليظ العجلية - رضي الله عنها -.
(٨) (ما بهشت بقصبة) بفتح الهاء، وقيل: بفتحها؛ أي: ما دفعتهم بها، قال ذلك حين سمعهم قالوا ما قالوا؛ لأنه - رضي الله عنه - كان يكره الفتنة بين المسلمين، ولا يرى التحرك إليها مع إحدى الطائفتين، بل يُؤْثِر العزلة في هذا.
(٩) "صحيح البخاريّ" ٦/ ٢٥٩٣.