للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولا تعارض بين الروايتين؛ لاحتمال أن يكونا يجمعان الحطب، والْخَبَط معًا، والله تعالى أعلم.

(فَسَبَّنِي، فَأَغْضَبَنِي، فَضَرَبْتُهُ بِالْفَأْسِ) قال الفيّوميّ: هي أنثى، وهي مهموزة، ويجوز التخفيف، وجَمْعُها أَفْؤُسٌ، وفُؤُسٌ، مثلُ فَلْسٍ، وأَفْلُسٍ، وفُلُوس. انتهى (١).

(عَلَى قَرْنِهِ) بفتح، فسكون؛ أي: جانب رأسه، وقال في "المفهم": قرنُ الرأس جانبه الأعلى، قال الشاعر:

وَضَرَبْتُ قَرْنَيْ كَبْشِهَا فَتَجَدَّلَا

(فَقَتَلْتُهُ، فَقَالَ لَهُ)؛ أي: لهذا القاتل (النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "هَلْ لَكَ مِنْ شَيْءٍ)؛ أي: من مالك (تُؤَدِّيهِ عَنْ نَفْسِكَ؟ " أي: ديةً للمقتول، قال القرطبيّ - رحمه الله -: هذا يدلّ على أنه - صلى الله عليه وسلم - قد ألزمه حُكم إقراره، وأن قَتْله كان عمدًا، إذ لو كان خطأً لَمَا طالبه بالدية، ولطولب بها العاقلة، ويدلّ على هذا أيضًا قوله: "أترى قومك يشترونك؟ "؛ لأنه لَمّا استحقّ أولياء المقتول نفسه بالقتل العمد، صاروا كالمالكين له، فلو دَفع أولياء القاتل عنه عِوَضًا، فقَبِله أولياء المقتول، لكان كالبيع، وهذا كله إنما عَرَضه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على القاتل بناء منه على أنه إذا تيسّر له ما يؤدّي إلى أولياء المقتول، سألهم في العفو عنه، ففيه من الفقه السعي في الإصلاح بين الناس، وجواز الاستشفاع، وإن رُفعت حقوقهم للإمام، بخلاف حقوق الله تعالى، فإنه لا تجوز الشفاعة فيها، إذا بلغت الإمام. انتهى (٢).

(قَالَ) الرجل (مَا لِي مَالٌ، إِلَّا كِسَائِي، وَفَأْسِي) فيه من الفقه أن المال يُقال لكلّ ما يُتَمَوّل من العُروض وغيرها، وأن ذلك ليس مخصوصًا بالإبل، ولا بالعين، قاله القرطبيّ - رحمه الله - (٣).

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("فَتَرَى) بتقدير همزة الاستفهام؛ أي: أفتعلم أن (قَوْمَكَ يَشْتَرُونَكَ؟ " أي: يؤدّون عنك دية المقتول، فينقذونك من القتل قِصاصًا؟ (قَالَ) الرجل (أَنَا أَهْوَنُ عَلَى قَوْمِي مِنْ ذَاكَ)؛ أي: من أن يشتروني (فَرَمَى) - صلى الله عليه وسلم -،


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٨٣.
(٢) "المفهم" ٥/ ٥٣ - ٥٤.
(٣) "المفهم" ٥/ ٥٤.