للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعَنَى بالعصبة: بنيها، وبمن معهم الزوج، ولم يُختلف في أن الزوج يرث هنا من دية زوجته فرضه، وإن كانوا قد اختلفوا فيه، هل يرث من دية الجنين؟.

والدية موروثة على الفرائض، سواء كانت عن خطإ، أو عن عمد تعذّر فيه القوَد، والذي يبيّن الحقّ في هذا الباب حديثان خرّجهما الترمذيّ:

[أحدهما] (٢١١٠): عن سعيد بن المسيّب، قال: قال عمر - رضي الله عنه -: الدية على العاقلة، ولا ترث المرأة من زوجها شيئًا، فأخبره الضحّاك بن سفيان الكلابيّ - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إليه: أن ورِّث امرأة أَشيم الضِّبابيّ من دية زوجها، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

[وثانيهما] (٢١١١): عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في جنين امرأة من بني لحيان، سقط ميتًا، بغرّة: عبد، أو أمة، ثم إن المرأة التي قضى عليها بغرّة توفّيت، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن ميراثها لبنيها وزوجها، وأن عَقْلها على عصبتها".

ثم حيث وجبت الدية على العاقلة، فلا تؤخذ منهم حالّةً، بل منجّمةً في ثلاث سنين، وهو قول عامّة أهل العلم من السلف والخلف، وتُوزَّعُ على الأحرار البالغين الأغنياء الذكور، فلا تؤخذ من عبد، ولا من صبيّ، ولا من امرأة، ولا من فقير بالإجماع، على ما حكاه ابن المنذر.

واختلفوا في قدر ما يُوزّع على من يُطالب بها، فقال الشافعيّ: من كثر ماله أُخذ منه نصف دينار، ومن كان دونه ربع دينار، لا يُنقص منه، ولا يُزاد عليه. وحكَى أبو ثور عن مالك أنه قال: على كل رجل ربع دينار، وبه قال أبو ثور. وقال أحمد: يُحَمَّلون بقدر ما يُطيقون. وقال أصحاب الرأي: ثلاثة دراهم، أو أربعة.

قال القرطبيّ: والقول ما قاله أحمد، فإن التحديد يحتاج إلى شرع جديد. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله القرطبيّ - رحمه الله - من ترجيح


(١) "المفهم" ٥/ ٦٧ - ٦٨.