للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شعيب، عن أبيه، عن جدّه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "لا قطع إلا في عشرة دراهم"، ورَوَى ابنُ عباس، قال: قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يد رجل في مجن، قيمته دينار، أو عشرة دراهم. وعن النخعيّ: لا تقطع اليد إلا في أربعين درهمًا.

قال: ولنا ما رَوَى ابنُ عمر - رضي الله عنهما -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قطع في مجن، ثمنه ثلاثة دراهم، متفق عليه، قال ابن عبد البر: هذا أصحّ حديث، يُروَى في هذا الباب، لا يختلف أهل العلم في ذلك.

وحديثُ أبي حنيفة الأول، يرويه الحجاج بن أرطاة، وهو ضعيف، والذي يرويه عن الحجاج ضعيف أيضًا، والحديث الثاني، لا دلالة فيه على أنه لا يُقطع بما دونه، فإن من أوجب القطع بثلاثة دراهم، أوجبه بعشرة. انتهى كلام ابن قُدامة - رحمه الله - (١).

وقال في "الفتح": وقد تمسك مالك - رحمه الله - بحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - في اعتبار النصاب بالفضة، وأجاب الشافعية، وسائر من خالفه، بأنه ليس في طرقه أنه لا يقطع في أقل من ذلك، وأورد الطحاويّ حديث سعد، الذي أخرجه مالك أيضًا، وسنده ضعيف، ولفظه: "لا يُقطع السارق، إلا في المجنّ"، قال: فعلمنا أنه لا يُقطع في أقل من ثمن المجنّ، لكن اخْتُلف في ثمن المجنّ، ثم ساق حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، قال: كان قيمة المجن الذي قَطع فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة دراهم، قال: فالاحتياط أن لا يُقطع إلا فيما اجتمعت فيه هذه الآثار، وهو عشرة، ولا يقطع فيما دونها؛ لوجود الاختلاف فيه.

وتُعُقّب بأنه لو سُلِّم في الدراهم، لم يُسَلَّم في النصّ الصريح في ربع دينار، كما تقدم إيضاحه، ودفعُ ما أعلّه به، والجمع بين ما اختلفت الروايات في ثمن المجنّ ممكن، بالحمل على اختلاف الثمن والقيمة، أو على تعدد المجانّ التي قطع فيها، وهو أولى.

وقال ابن دقيق العيد: الاستدلال بقوله: "قطع في مجنّ" على اعتبار النصاب ضعيف؛ لأنه حكاية فعل، ولا يلزم من القطع في هذا المقدار، عدم القطع فيما دونه، بخلاف قوله: "يُقطع في ربع دينار فصاعدًا"، فإنه بمنطوقه يدلّ على أنه يُقطع فيما إذا بلغ، وكذا فيما زاد عليه، وبمفهومه على أنه لا


(١) "المغني" ١٢/ ٤١٨ - ٤٢٠.