للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"الفتح" (١). (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) - رضي الله عنهما - (أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَطَعَ سَارِقًا) معناه: أَمَر بقطعه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يباشر القطع بنفسه، وسيأتي أن بلالًا - رضي الله عنه - هو الذي باشر قطع يد المخزوميّ بأمره - صلى الله عليه وسلم -، فيَحْتَمِل أن يكون هو الذي كان موكّلًا بذلك، ويَحْتَمِل أن يكون غيره (٢). (فِي مِجَنٍّ) تقدّم بكسر الميم، وفتح الجيم: التُّرْسُ، مِفْعَلٌ، من معنى الاجتنان، وهو الاستتار، والاختفاء، وما يقارب ذلك، ومنه الجنّ، وكُسرت ميمه؛ لأنه آلة في الاجتنان؛ كأن صاحبه يستتر به عما يُحاذره، قال الشاعر [من الطويل]:

فَكَانَ مِجَنِّي دُونَ مَا كُنْتُ أَتَّقِي … ثَلَاثُ شُخُوصٍ كَاعِبَانِ وَمُعْصِرُ (٣)

(قِيمَتُهُ) قِيمةُ الشيء: ما تنتهي إليه الرغبة فيه، وأصله قِوْمَةٌ، فأُبدلت الواو ياءً؛ لوقوعها بعد كسرة، والثمنُ: ما يُقابَلُ به المبيع عند البيع، والذي يظهر أن المراد هنا القيمة، وأن من رواه بلفظ الثمن إما تجوّزًا، وإما أن القيمة والثمن كانا حينئذ مستويين، قال ابن دقيق العيد - رحمه الله -: القيمة والثمن قد يختلفان، والمعتبَر إنما هو القيمة، ولعل التعبير بالثمن؛ لكونه صادف القيمة في ذلك الوقت في ظن الراوي، أو باعتبار الغلبة، وإلا فلو اختَلَفت القيمة والثمن الذي اشتراه به مالكه لن تُعتبر إلا القيمة. انتهى (٤).

(ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ) وفي رواية: "ثمنه ثلاثة"، وقد اختلف الرواة في هذه اللفظة، فرواه بعضهم بلفظ القيمة، وبعضهم بلفظ الثمن، كما أشار إلى ذلك مسلم بعدُ.

قال الإمام البخاريّ - رحمه الله - في "صحيحه" بعد أن أخرجه من طريق موسى بن عقبة، عن نافع بلفظ: "ثمنه" ما نصّه: وتابعه محمد بن إسحاق، وقال الليث: حدثني نافع: "قيمته". انتهى.

قال في "الفتح": قوله: "تابعه محمد بن إسحاق"؛ يعني: عن نافع؛ أي:


(١) "الفتح" ١٥/ ٥٨٢.
(٢) "الفتح" ١٥/ ٥٨٢ - ٥٨٣.
(٣) "الكاعب" هي التي بدت نُهُود ثدييها، والْمُعْصِر: المرأة التي بلغت شبابها، وأدركت، أو دخلت في الحيض، أو راهقت العشرين، أو وَلَدت، أو حُبست في البيت ساعة طَمِثَت، قاله في "العدّة" ٤/ ٣٦٦.
(٤) "إحكام الأحكام" ٤/ ٣٦٦ بنسخة الحاشية "العدّة".