فَقُلْتُ يَمِينُ اللهِ أَبْرَحُ قَاعِدًا … وَلَوْ قَطَّعُوا رَأْسِي لَدَيْكِ وَأَوْصَالِي
ومن ثَمّ قال المالكية، والحنفية: إنه يمين، وعند الشافعية: إن نوى اليمين انعقدت، وإن نوى غير اليمين لم ينعقد يمينًا، وإن أَطلق فوجهان: أصحهما لا ينعقد إلا إن نوى، وعن أحمد روايتان: أصحهما الانعقاد.
وحَكَى الغزالي في معناه وجهين: أحدهما أنه كقوله: تالله، والثاني: كقوله: أحلف بالله، وهو الراجح، ومنهم من سَوَّى بينه وبين لَعَمْر الله، وفَرَّق الماورديّ بأن لَعَمْر الله شاع في استعمالهم عُرفًا، بخلاف ايم الله.
واحتجّ بعض من قال منهم بالانعقاد مطلقًا بأن معناه: يمين الله، ويمين الله من صفاته، وصفاته قديمة.
وجزم النوويّ في "التهذيب" أن قول: وايم الله؛ كقوله: وحقِّ الله، وقال: إنه تنعقد به اليمين عند الإطلاق، وقد استغربوه، ذكر هذا البحث كلّه في "الفتح" (١)، وهو بحث مفيدٌ جدًّا.
(لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ) هذا من الأمثلة التي صحّ فيها أن "لو" حرف امتناع لامتناع، وقد لخّص السيوطيّ البحث فيه في "الكوكب الساطع" حيث قال:
و"لَو" لِشَرْطِ الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ … نَزْرٌ فَلِلرَّبْطِ فَقَطْ أَبُو عَلِي
وَللَّذِي كَانَ حَقِيقًا سَيَقَعْ … أَيْ لِوُقُوعِ غَيْرِهِ عَمْرُو اتَّبَعْ
وَالْمُعْرِبُونَ وَالَّذِي فِي الْفَنِّ شَاعْ … بِأَنَّهَا حَرْفُ امْتِنَاعٍ لامْتِنَاعْ
وَالْمُرْتَضى امْتِنَاعُ مَا يَلِيهِ … مَعْ كَوْنِهِ يَسْتَلْزِمُ التَّالِيهِ
ثُمَّ إِذَا نَاسَبَ تَالٍ يَنْتَفِي … إِنْ أَوَّلًا خِلَافُهُ لَمْ يَخْلُفِ
كَقَوْلِهِ "لَوْ كَانَ" لِلآخِرِ لَا … ذُو خَلَفٍ وَيَثْبُتُ الَّذِي تَلَا
إِنْ لَمْ يُنَافِ وَبِأَوْلَى نَصِّهِ … نَاسَبَهُ "لَوْ لَمْ يَخَفْ لَمْ يَعْصِهِ"
أَوِ الْمُسَاوِي نَحْوُ "لَوْ لَمْ تَكُنِ … رَبِيبَتِي" الْحَدِيثَ أَوْ بِالأَدْوَنِ
وإن أردت إيضاح معاني الأبيات، فعليك بشرحي: "الجليس الصالح النافع بشرح الكوكب الساطع" (ص ١٣٠ - ١٣٣)، وبالله تعالى التوفيق.
(١) "الفتح" ١٥/ ٢٥٩ - ٢٦٠، كتاب "الأيمان والنذور" رقم (٦٦٢٧).