للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: في هذا الكلام نظرٌ؛ إذ يحتمل أن الرواية أيضًا فيها اختصار، كما في بعض روايات عائشة رضي الله تعالى عنها، فتأمل.

قال الحافظ: وأبسط ما وجدت من طرقه، ما أخرجه النسائي، في رواية له: أن امرأة كانت تستعير الحلي، في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستعارت من ذلك حليًّا، فجمعته، ثم أمسكته، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "لِتَتُب هذه المرأة إلى الله تعالى، وتؤدِّ ما عندها"، مرارًا، فلم تفعل، فأَمَر بها، فقُطعت.

وأخرج النسائي بسند صحيح، من مرسل سعيد بن المسيب: أن امرأة من بني مخزوم، استعارت حليًّا على لسان أناس، فجحدت، فأمر بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقُطعت، وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح أيضًا، إلى سعيد، قال: أُتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بامرأة من بيت عظيم، من بيوت قريش، قد أتت أناسًا، فقالت: إن آل فلان، يستعيرونكم كذا، فأعاروها، ثم أتوا أولئك، فأنكروا، ثم أنكرت هي، فقَطعها النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقال ابن دقيق العيد: صنيع صاحب "العمدة" حيث أورد الحديث بلفظ الليث، ثم قال: وفي لفظ، فذكر لفظ معمر، يقتضي أنها قصة واحدة، واختُلف فيها، هل كانت سارقة، أو جاحدة؟ يعني: لأنه أَوْرد حديث عائشة باللفظ الذي أخرجاه، من طريق الليث، ثم قال: وفي لفظ: كانت امرأة تستعير المتاع، وتجحده، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطع يدها، وهذه رواية معمر في مسلم فقط، قال: وعلى هذا فالحجة في هذا الخبر، في قطع المستعير ضعيفة؛ لأنه اختلاف في واقعة واحدة، فلا يُبَتُّ الحكم فيه بترجيح من روى أنها جاحدة، على الرواية الأخرى؛ يعني: وكذا عكسه، فيصح أنها قُطعت بسبب الأمرين، والقطع في السرقة متفق عليه، فيترجح على القطع في الجحد المختلَف فيه.

قال الحافظ: وهذه أقوى الطرق في نظري، وقد تقدم الرد على من زعم أن القصة وقعت لامرأتين، فقُطعتا في أوائل الكلام على هذا الحديث، والإلزام الذي ذكره القرطبي، في أنه لو ثبت القطع في جحد العارية، للزم القطع في جحد غير العارية قويّ أيضًا، فإن من يقول بالقطع في جحد العارية، لا يقول به في جحد غير العارية، فيقاس المختلَف فيه على المتفق عليه، إذ لم يقل أحد بالقطع في الجحد على الإطلاق.