قال: قم، فما يزال عبد يَقدَم علينا بما نَكْره، قال: فقمت منكِرًا، فمرَّ رجل، فدعاه، فلم يسمع، فرماه بالحصى، فلم يبلغه، فاضطر إليّ، فقال: ادعه لي، فدعوته له، فأتاه، فقضى حاجته، فنظر إلي، فقال: تعال، فجئت، فقال: أخبرني سعيد بن المسيِّب، وأبو سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال:"العجماء جبار. . ." الحديث، ثم قال لي: هذا خير لك من الذي أردت.
قال الحافظ: وهذا الحديث الأخير أخرجه مسلم، والأربعة، من طريق سفيان، بدون قصة. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:
[٤٤٠٣](. . .) - (وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى - وَاللَّفْظُ لِحَرْمَلَةَ - قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَرَقَتْ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؟، فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ، إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟، فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَكَلَّمَهُ فِيهَا أُسَامَةُ بْنُ زيدٍ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ:"أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ؟ "، فَقَالَ لَهُ أُسَامَةُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ قَامَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَاخْتَطَبَ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ:"أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَإِنِّي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا"، ثُمَّ أَمَرَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقُطِعَتْ يَدُهَا، قَالَ يُونُسُ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا بَعْدُ، وَتَزَوَّجَتْ، وَكَانَتْ تَأْتِينِي بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -).
(١) "الفتح" ١٥/ ٥٦٣ - ٥٦٤، كتاب "الحدود" رقم (٦٧٨٨).