للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بسُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو يقتصر على الرَّجم وحده؟ وهو مذهب الجمهور، متمسكين بأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رجم ماعزًا والغامدية ولم يجلدهما، وقال: "اغْدُ يا أُنَيْس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها"، ولم يذكر الجَلْد، فلو كان مشروعًا لَمَا سكت عنه، وكأنَّهم رأوا: أن هذا أرجح من حديث الجمع بين الجلد والرَّجم، إما لأنَّه منسوخ إن عُرِف التاريخ، وإمَّا لأن العمل المتكرر من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في أوقات متعددة أثبت في النفوس، وأوضح، فيكون أرجح، وقد شذَّت طائفة فقالت: يُجْمَع الجلد والرجم على الشيخ، ويُجلد الشابُّ تمسُّكًا بظاهر لفظ "الشيخ"، وهو خطأ، فإنَّه قد سَمَّاه في الحديث الآخَر: "الثيب". انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد أسلفت الأرجح عندي في هذه المسائل عند كلام النوويّ، فلا تنس، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٤٤٠٧] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ، بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ).

رجال هذا الإسناد: ثلاثة:

١ - (عَمْرٌو النَّاقِدُ) هو: عمرو بن محمد بن بُكير البغداديّ، تقدّم قبل باب.

و"هُشيم"، و"منصور بن زاذان" ذُكرا قبله.

وقوله: (وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ) قال النوويّ - رحمه الله -: في هذا الكلام فائدتان:

إحداهما: بيان أن الحديث رُوِي من طريق آخر، فيزداد قُوّةً.

والثانية: أن هُشيمًا مُدلِّس، وقد قال في الرواية الأولى: "عن منصور"، وبَيَّن في الثانية أنه سمعه من منصور، وقد سبق التنبيه على مثل هذا مرات. انتهى (٢).


(١) "المفهم" ٥/ ٨١ - ٨٤.
(٢) "شرح النوويّ" ١١/ ١٩٠.