للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رجلًا من غير مشورة من المسلمين، فلا يبايَع هو، ولا الذي بايعه تَغِرّةً أن يُقْتَلا (١)، وإنه قد كان من خبرِنا حين توفى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن الأنصار خالفونا، واجتمعوا بأسْرهم في سقيفة بني ساعدة، وخالف عنا عليّ، والزبير، ومن معهما، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر، فقلت لأبي بكر: يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار، فانطلقنا نريدهم، فلمّا دنونا منهم لقينا منهم رجلان صالحان، فذكرا ما تمالأ عليه القوم، فقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين؟ فقلنا: نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار، فقالا: لا عليكم أن لا تقربوهم، اقضوا أمركم، فقلت: والله لنأتينهم، فانطلقنا، حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا رجل مُزَمَّلٌ بين ظهرانيهم، فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا سعد بن عُبادة، فقلت: ما له؟ قالوا: يُوعَك، فلما جلسنا قليلًا تشهّد خطيبهم، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد فنحن أنصار الله، وكتيبة الإسلام، وأنتم معشر المهاجرين رهط، وقد دَفَّت دافّة من قومكم، فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا، وأن يَحضُنونا من الأمر، فلما سكتَ أردتُ أن أتكلم، وكنت قد زَوَّرت مقالةً أعجبتني، أردت أن أقدِّمها بين يدي أبي بكر، وكنت أداري منه بعض الحدّ، فلما أردت أن أتكلم، قال أبو بكر: على رِسْلك، فكرهت أن أُغضبه، فتكلم أبو بكر، فكان هو أحلم مني، وأوقر، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري، إلا قال في بديهته مثلها، أو أفضل منها، حتى سكت، فقال: ما ذكرتم فيكم من خير، فأنتم له أهل، ولن يُعْرَف هذا الأمر إلا لهذا الحيّ من قريش، هم أوسط العرب نسبًا ودارًا، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين، فبايعوا أيهما شئتم، فأخذ بيدي، وبيد أبي عُبيدة بن الجرّاح، وهو جالس بيننا، فلم أكره مما قال غيرها، كان والله أن أُقَدَّم، فتُضرب عنقي، لا يقرّبني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمَّر على قوم فيهم أبو بكر، اللهم إلا أن تُسَوِّل لي نفسي عند الموت شيئًا لا أجده الآن، فقال قائل من الأنصار: أنا جُذَيلها


(١) أي: حذرًا من القتل.