للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْمُحَكَّك، وعُذَيقها الْمُرَجَّب (١)، منا أمير، ومنكم أمير، يا معشر قريش، فكَثُر اللغط، وارتفعت الأصوات، حتى فَرِقت من الاختلاف، فقلت: ابسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده، فبايعته، وبايعه المهاجرون، ثم بايعته الأنصار، ونزونا (٢) على سعد بن عبادة، فقال قائل منهم: قتلتم سعد بن عبادة، فقلت: قتل الله سعد بن عبادة (٣)، قال عمر: وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم، ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلًا منهم بعدنا، فإما بايعناهم على ما لا نرضى، وإما نخالفهم، فيكون فساد، فمن بايع رجلًا على غير مشورة من المسلمين، فلا يبايَع هو، ولا الذي بايعه تَغِرّةً أن يُقْتَلا. انتهى.

(وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ) قال الطيبيّ - رحمه الله -: قَدَّم عمر - رضي الله عنه - هذا الكلام قبل ما أراد أن يقوله؛ توطئةً له؛ ليتيقظ السامع لِمَا يقول، (وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْه)، وفي بعض النُّسخ: "فكان مما أنزل الله عليه"، (آيَةُ الرَّجْمِ) قال الطيبيّ: "آيةُ الرجم" بالرفع اسم "كان"، وخبرها "من" التبعيضية في قوله: "مما أنزل الله"، ففيه تقديم الخبر على الاسم، وهو كثير. (قَرَأْنَاهَا، وَوَعَيْنَاهَا، وَعَقَلْنَاهَا، فَرَجَمَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى)، وفي رواية معمر: "وإني أخاف"، (إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ، أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللهُ)؛ أي: في الآية المذكورة التي نُسِخت تلاوتها، وبقي


(١) (جُذيلها المحكك) أصله عود ينصب في العطن لتحتكّ به الإبل الجربى؛ أي: أنا ممن يُستشفى برأيه، كما تستشفي الإبل الجربى بالاحتكاك به.
(عُذيقها المرجب) هو: القنو العظيم من النخيل. والقنو: الغصن، والمراد أنه داهية عالم في الأمور.
(٢) (نزونا) وثبنا عليه. (قتلتم سعد بن عبادة) خذلتموه وأعرضتم عنه، واحتسبتموه في عداد القتلى.
(٣) (قتل الله سعد بن عبادة) القائل هو عمر - رضي الله عنه -، والمعنى: إن الله تعالى هو الذي قدّر خذلانه وعدم صيرورته خليفة، أو هو دعاء عليه؛ لأن موقفه كان ربما أحدث فرقة في المسلمين.