للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حكمها، وقد وقع ما خشيه عمر - رضي الله عنه - أيضًا، فأنكر الرجم طائفة من الخوارج، أو معظمهم، وبعض المعتزلة، ويَحْتَمِل أن يكون استند في ذلك إلى توقيف.

وقد أخرج عبد الرزاق، والطبريّ من وجه آخر، عن ابن عباس: أن عمر قال: سيجيء قوم يكذِّبون بالرجم. . . الحديث.

ووقع في رواية سعد بن إبراهيم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة في حديث عمر، عند النسائيّ: وأن ناسًا يقولون: ما بال الرجم؟ وإنما في كتاب الله الجلد، ألا قد رَجَمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وفيه إشارة إلى أن عمر استحضر أن ناسًا قالوا ذلك، فردّ عليهم.

وفي "الموطأ" عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيِّب، عن عمر: "إياكم أن تَهلِكوا عن آية الرجم، أن يقول قائل: لا أجد حدّين في كتاب الله، فقد رُجِم" (١).

(وَإِنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ)؛ أي: في قوله تعالى: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: ١٥]، فَبَيَّن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن المراد به رجم الثيب، وجلد البكر، قاله في "الفتح" (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "فإن الرَّجم في كتاب الله"؛ أي: في حكم الله الذي كان نزل في الكتاب، وكان فيه ثابتًا قبل نسخه، كما قدَّمناه، وقد نصَّ على هذا المعنى فيما ذكره عنه مالك في "الموطأ"؛ فقال: لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله لكتبته بيدي: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة"، وهذا من قوله يدلّ على أن الكتاب قد أُحكمت آياته، وانحصرت حروفه، وكلماته، فلا يقبل الزيادة ولا النقصان. انتهى (٣).

وقوله: (حَقٌّ)؛ أي: ثابتٌ يُعمَل به إلى يوم القيامة.

(عَلَى مَنْ زَنَى) متعلّق بـ "حقّ"، (إِذَا أَحْصَنَ) بالبناء للفاعل؛ أي: كان بالغًا عاقلًا، قد تزوج حرّةً تزويجًا صحيحًا، وجامَعها، وقال الفيّوميّ - رحمه الله -: وأَحْصَنَ الرجل بالألف: تزوَّج، والفقهاء يزيدون على هذا: وَطِئ في نكاح


(١) "الفتح" ١٥/ ٦٥١.
(٢) "الفتح" ١٥/ ٦٥١.
(٣) "المفهم" ٥/ ٨٦.