للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَنَزَلَ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} أي لا يشركون ({وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ}) أي حرّمها، أي حرّم قتلها ({إِلَّا بِالْحَقِّ}) أي بقوَدٍ، أو رجمٍ، رِدّة، أو شِرْكٍ، أو سَعْيٍ في الأرض بفساد، وهو متعلّقٌ بالقتل المحذوف، أو بـ {لَا يَقْتُلُونَ} (١). ({وَلَا يَزْنُونَ}) فيستحلّون الفروج بغير نكاح، ولا ملك يمين، ودلتّ هذه الآية على أنه ليس بعد الكفر أعظم من قتل النفس بغير الحقّ، ثم الزنا، ولهذا ثبت في حدّ الزنا القتل لمن كان محصنًا، أو أقصى الجلد لمن كان غير محصن، قاله القرطبيّ (٢).

وقال النسفيّ: ونفيُ هذه الكبائر عن عباده الصالحين تعريضٌ لما كان عليه أعداؤهم من قريش وغيرهم، كأنه قيل: والذين طهّرهم الله مما أنتم عليه. انتهى (٣). ({وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ}) قال القرطبيّ: "ذا" إشارة إلى واحد في أصل وضعها، غير أن الواحد تارةً يكون واحدًا بالنصّ عليه، وتارةً يكون بالتأويل، وإن كانت أمورٌ متعدّدة في اللفظ كما في هذه الآية، فإنه ذَكَر قبل "ذا" أمورًا، وأعاد الإشارة إليها من حيث إنها مذكورة، أو مقولة، فكأنه قال: ومن يفعل المذكور، أو المقول. انتهى (٤).

({يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: ٦٨]) قيل: معناه: عقوبةً، وقيل: هو وادٍ في جهنّم، وقيل: بئرٌ فيها، وقيل: جزاء إثمه (٥).

(وَنَزَلَ: {قُلْ يَاعِبَادِيَ}) قرئ بفتح الياء، وسكونها ({الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ}) أي جَنَوا عليها بالإسراف في المعاصي، والغلوّ فيها ({لَا تَقْنَطُوا}) بفتح النون، وكسرها، من بابي تَعِبَ، وضرب: أي لا تيأسوا ({مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: ٥٣])، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.


(١) راجع: "تفسير النسفيّ" ٣/ ١٧٥.
(٢) "جامع الأحكام" ١٣/ ٧٦.
(٣) المصدر السابق ٣/ ١٧٥.
(٤) "المفهم" ١/ ٣٣١.
(٥) "شرح النوويّ" ٢/ ١٤٠.