للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(١/ ٥٥)، و (الدارميّ) في "سننه" (٢/ ٢٣٤)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٤١٣ و ٤١٤)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٨/ ٢١٠ و ٢١٢ و ٢٣٦)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان وجوب الرجم على الزاني المحصن.

٢ - (ومنها): بيان أن بعض القرآن يُنسخ لفظه، ويبقى حكمه، ومن ذلك آية الرجم: "الشيخ والشيخة إذا زنيا، فارجموهما البتة"، فهذا مما نُسِخ لفظه، وبقي حكمه، قال النوويّ - رحمه الله -: وقد وقع نسخ الحكم دون اللفظ، وقد وقع نَسخهما جميعًا، فما نُسخ لفظه ليس له حكم القرآن في تحريمه على الجُنُب، ونحو ذلك، وفي ترك الصحابة - رضي الله عنهم - كتابة هذه الآية دلالة ظاهرة أن المنسوخ لا يُكتب في المصحف، وفي إعلان عمر بالرجم، وهو على المنبر، وسكوت الصحابة وغيرهم من الحاضرين عن مخالفته بالإنكار دليل على ثبوت الرجم، وقد يُستَدَلّ به على أنه لا يُجلد مع الرجم، وقد تُمنَع دلالته؛ لأنه لم يتعرض للجلد، وقد ثبت في القرآن والسُّنَّة. انتهى (١).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: هذا نصٌّ من عمر - رضي الله عنه - على أنَّ هذا كان قرآنًا يُتلى، وفي آخره ما يدلُّ على أنَّه نُسخَ كَونُها من القرآن، وبقي حُكْمُها معمولًا به، وهو الرَّجم. وقال ذلك عمر بمحضرِ الصحابة - رضي الله عنهم -، وفي مَعْدن الوحي، وشاعت هذه الخطبة في المسلمين، وتناقلها الرُّكبان، ولم يُسْمَع في الصحابة ولا فيمن بعدهم من أنكر شيئًا مِمَّا قاله عمر، ولا راجعه في حياته ولا بعد موته، فكان ذلك إجماعًا منهم على صحة هذا النوع من النسخ، وهو نسخ التلاوة مع بقاء الحكم، ولا يُلتَفَت لخلاف من تأخر زمانه، وقَلَّ علمه في ذلك، وقد بيَّنا في الأصول: أن النسخ على ثلاثة أضرب: نسخ التلاوة، ونسخ الحكم مع بقاء التلاوة، ونسخ التلاوة مع بقاء الحكم. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (٢).

٣ - (ومنها): أن فيه منقبة لعمر - رضي الله عنه -، فإن هذا الذي توقعه قد وقع بعده للخوارج، والنّظَّام؛ فإنَّهم أنْكَرُوا الرَّجم، فهم ضالّون بشهادة عمر - رضي الله عنه -، وهذا


(١) "شرح النوويّ" ١١/ ١٩١.
(٢) "المفهم" ٥/ ٨٥.