للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من الحقّ الذي جعل الله تعالى على لسان عمر وقلبه - رضي الله عنه -، ومما يدلُّ على أنَّه كان محدِّثًا بكثير مما غاب عنه، كما شهد له بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قاله القرطبيّ - رحمه الله - (١).

وقال النوويّ - رحمه الله -: هذا الذي خشيه عمر - رضي الله عنه - قد وقع من الخوارج، ومن وافقهم، كما سبق بيانه، وهذا من كرامات عمر - رضي الله عنه -، ويَحْتَمِل أنه عَلِمَ ذلك من جهة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. انتهى (٢).

٤ - (ومنها): أن فيه أن المرأة إذا وُجِدت حاملًا، ولا زوج لها، ولا سيّد وجب عليها الحدّ، إلا أن تقيم بيّنة على الحمل، أو الاستكراه.

وقال ابن العربيّ: إقامة الحمل عليه إذا ظهر وَلَدٌ لم يسبقه سبب جائز يُعْلَم قطعًا أنه من حرام، ويسمى قياسَ الدلالة؛ كالدخان على النار، ويَعْكُر عليه احتمال أن يكون الوطء من شبهة.

وقال ابن القاسم: إن ادّعت الاستكراه، وكانت غريبة، فلا حدّ عليها، وقال الشافعيّ، والكوفيون: لا حدّ عليها إلا ببينة، أو إقرار.

وحجة مالك قول عمر في خطبته، ولم ينكرها أحد، وكذا لو قامت القرينة على الإكراه، أو الخطأ.

قال المازريّ: في تصديق المرأة الخليّة إذا ظهر بها حمل، فادعت الإكراه خلافٌ، هل يكون ذلك شبهةً، أم يجب عليها الحدّ؛ لحديث عمر؟ قال ابن عبد البرّ: قد جاء عن عمر في عدّة قضايا أنه درأ الحد بدعوى الإكراه ونحوه، ثم ساق من طريق شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النَّزّال بن سَبْرة قال: "إنا لَمَعْ عمر بمنى، فإذا بامرأة حبلى ضخمة تبكي، فسألها، فقالت: إني ثقيلة الرأس، فقمت بالليل أصلي، ثم نِمت، فما استيقظت إلا ورجل قد ركبني، ومضى، فما أدري من هو؟ قال: فدرأ عنها الحدّ".

وجَمَع بعضهم بأن من عُرِف منها مخايل الصدق في دعوى الإكراه قُبِل منها، وأما المعروفة في البلد التي لا تُعْرَف بالدِّين، ولا الصدق، ولا قرينة


(١) "المفهم" ٥/ ٨٥ - ٨٦.
(٢) "شرح النوويّ" ١١/ ١٩١ - ١٩٢.