(فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، حَتَّى ثَنَى) بثاء مثلّثة، بعدها نون خفيفة؛ أي: كرّر، وفي رواية:"حتى ردّد"(ذَلِكَ)؛ أي: قوله: "إني زنيتُ"، (عَلَيْهِ)؛ أي: على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (أَرْبَعَ مَرَّاتٍ)، وفي حديث بريدة الآتي:"قال: ويحك ارجع، فاستغفر الله، وتُب إليه، فرجع غير بعيد، ثم جاء، فقال: يا رسول الله طَهِّرني"، وفي لفظ:"فلما كان من الغد أتاه"، ووقع في مرسل سعيد بن المسيِّب، عند مالك، والنسائيّ من رواية يحيى بن سعيد الأنصاريّ، عن سعيد:"إن رجلًا من أسلم قال لأبي بكر الصديق: إن الآخر زنى، قال: فتب إلى الله، واستتر بستر الله، ثم أتى عمر كذلك، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأعرض عنه، ثلاث مرات، حتى إذا أكثر عليه بعث إلى أهله".
وهذا كلّه فيه التعريض للمُقِرّ بالزنا بأن يرجع، ويُقْبَل رجوعه بلا خلاف، قاله النوويّ.
(فَلَمَّا شَهِدَ) بكسر الهاء، من باب علم (عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ)، وفي رواية:"أربع مرّات"، وفي حديث بريدة الآتي:"حتى إذا كانت الرابعة، قال: فيم أطهرك؟ "، وفي حديث جابر بن سمرة، من طريق أبي عوانة، عن سماك الآتي:"فشهد على نفسه أربع شهادات"، وفي رواية شعبة، عن سماك:"قال: فردّه مرتين"، وفي أخرى:"مرتين، أو ثلاثًا، قال شعبة: قال سماك: فذكرته لسعيد بن جبير، فقال: إنه ردّه أربع مرات"، ووقع في حديث أبي سعيد الآتي أيضًا:"فاعترف بالزنا ثلاث مرات".
قال في "الفتح": والجمع بينهما: أما رواية مرتين فتُحْمل على أنه اعترف مرتين في يوم، ومرتين في يوم آخر؛ لِمَا يشعر به قول بريدة:"فلمّا كان من الغد"، فاقتصر الراوي على أحدهما، أو مراده: اعترف مرتين في يومين، فيكون مِنْ ضَرْب اثنين في اثنين.
وقد وقع عند أبي داود، من طريق إسرائيل، عن سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:"جاء ماعز بن مالك إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فاعترف بالزنا مرتين، فطرده، ثم جاء فاعترف بالزنا مرتين".
وأما رواية الثلاث فكأن المراد الاقتصار على المرات التي ردّه فيها،