للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويَحْتَمِل أن يُجْمَع بأنه ذَكر بعد ذِكر الجماع بأن الجماع قد يُحْمَل على مجرد الاجتماع، وفي حديث أبي هريرة المذكور: "أَنِكتها؟ قال: نعم، قال: حتى دخل ذلك منك في ذلك منها؟ قال: نعم، قال: كما يغيب الْمِرْوَد في الْمُكْحُلة، والرِّشاء في البئر؟ قال: نعم، قال: تدري ما الزنا؟ قال: نعم أتيت منها حرامًا ما يأتي الرجل من امرأته حلالًا، قال: فما تريد بهذا القول؟ قال: تطهّرني، فأَمَر به، فَرُجِم"، وقَبْله عند النسائيّ هنا: "هل أدخلته، وأخرجته؟ قال: نعم" (١).

(فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "اذْهَبُوا بِهِ، فَارْجُمُوهُ" أي: ارموه بالحجارة حتى يموت، قال النوويّ - رحمه الله -: فيه جوار استنابة الإمام من يقيم الحدّ، قال العلماء: لا يستوفي الحد إلا الإمام، أو مَن فَوَّض ذلك إليه، وفيه دليل على أنه يكفي الرجم، ولا يُجلد معه، وقد سبق بيان الخلاف في هذا. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: تقدّم أن الراجح الجمع بين الجلد والرجم؛ لقوّة دليله، فتنبّه.

وقوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ) هو موصول بالسند الماضي، كما قال الحافظ في "الفتح" (٢)، وليس معلّقًا، كما قال بعضهم (٣)، فتنبّه. (فَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ) - رضي الله عنهما -، قد أصَرَّ يونس، ومعمر في روايتهما بأنه أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، فكأن الحديث كان عند أبي سلمة عن أبي هريرة، كما عند سعيد بن المسيِّب، وعنده زيادة عليه عن جابر - رضي الله عنه -. (يَقُولُ: فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ، فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى)؛ أي: بالمكان الذي تصلّى فيه صلاة الجنائز، وفي رواية معمر: "فأمر به، فرُجِم بالمصلى"، قال النوويّ: قال البخاريّ وغيره من العلماء: فيه دليل على أن مصلى الجنائز والأعياد، إذا لم يكن قد وُقِفَ مسجدًا لا يثبت له حكم المسجد؛ إذ لو كان له حكم المسجد تجنب الرجم فيه، وتلطخه بالدماء والميتة، قالوا: والمراد بالمصلَّى هنا مصلى الجنائز،


(١) "الفتح" ١٥/ ٦١٢، كتاب "الحدود" رقم (٦٨١٥).
(٢) راجع: "الفتح" ١٥/ ٦١٢، كتاب "الحدود" رقم (٦٨١٥).
(٣) سيأتي كلام الرشيد العطار في ذلك، وسأتعقّبه هناك - إن شاء الله تعالى - فتنبّه.