للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حِجر أبي، فأصاب جارية من الحيّ، فقال له أبي: ائت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره بما صنعت، لعله يستغفر لك، وإنّما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرجًا"، فذكر الحديث.

قال القاضي عياض (١): فائدة سؤاله أبك جنون؟ سترٌ لحاله، واستبعادٌ أن يُلِحّ عاقلٌ بالاعتراف بما يقتضي إهلاكه، ولعله يرجع عن قوله، أو لأنه سمعه وحده، أو ليتم إقراره أربعًا عند من يشترطه، وأما سؤاله قومه عنه بعد ذلك فمبالغة في الاستثبات.

وتعقّب بعض الشراح قوله: "أو لأنه سمعه وحده" بأنه كلام ساقطٌ؛ لأنه وقع في نفس الخبر أن ذلك كان بمحضر الصحابة في المسجد.

قال الحافظ: ويُرَدّ بوجه آخر، وهو أن انفراده - صلى الله عليه وسلم - بسماع إقرار المقرّ كافٍ في الحكم عليه بعلمه اتفاقًا؛ إذ لا ينطق عن الهوى، بخلاف غيره، ففيه احتمال. انتهى (٢).

(قَالَ: "فَهَلْ أَحْصَنْتَ؟ ")؛ أي: أتزوّجت؟ هذا معناه هنا جزمًا؛ لافتراق الحكم في حدّ من تزوّج، ومن لم يتزوّج.

وقال النوويّ - رحمه الله -: فيه أن الإمام يسأل عن شروط الرجم، من الإحصان وغيره، سواء ثبت بالإقرار، أم بالبيّنة، وفيه مؤاخذة الإنسان بإقراره. انتهى (٣).

(قَالَ: نَعَمْ) زاد في حديث بريدة قبل هذا: "أشربت خمرًا؟ قال: لا وفيه: "فقام رجل، فاستنكهه، فلم يجد منه ريحًا وزاد في حديث ابن عباس عند البخاريّ: "لعلك قَبَّلت؟ أو غمزت؟ - بمعجمة، وزاي - أو نظرت؟ أي: فأطلقتَ على كل ذلك زنا، ولكنه لا حدّ في ذلك - قال: لا"، وفي حديث نعيم: "فقال: هل ضاجعتها؟ قال: نعم، قال: فهل باشرتها؟ قال: نعم، قال: هل جامعتها؟ قال: نعم"، وفي حديث ابن عباس المذكور: "فقال: أنكتها؟ لا يكني - بفتح التحتانية، وسكون الكاف - من الكناية؛ أي: أنه ذكر هذا اللفظ صريحًا، ولم يُكَنِّ عنه بلفظ آخر؛ كالجماع.


(١) راجع: "إكمال المعلم" ٥/ ٥١٠.
(٢) "الفتح" ١٥/ ٦١١ - ٦١٢ رقم (٦٨١٥).
(٣) "شرح النوويّ" ١١/ ١٩٣.