فإذا جاءه مَن قتل، فسأله، هل لقاتل من توبة؟ قال له: لك توبةٌ؛ تيسيرًا وتأليفًا. انتهى (١).
٤ - (ومنها): أنه اختُلف في تصرّف الكافر بالطلاق وغيره إذا أسلم: قال ابن القاسم وابن وهب عن مالك فيمن طلّق في الشرك، ثم أسلم، فلا طلاق له، وكذلك من حَلَف فأسلم، فلا حِنث عليه، وكذا مَن وجبت عليه هذه الأشياء، فذلك مغفور له. فأما مَن افترى على مسلم ثم أسلم، أو سرق ثم أسلم، أقيم عليه الحد للفرية والسرقة. ولو زَنَى وأسلم، أو اغتصب مسلمة ثم أسلم، سقط عنه الحدّ.
ورَوَى أشهب عن مالك أنه قال: إنما يعني الله عز وجل ما قد مضى قبل الإسلام، من مال، أو دم، أو شيء.
قال ابن العربيّ: وهذا هو الصواب؛ لما قدمناه من عموم قوله تعالى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال: ٨]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الإسلام يَهْدِم ما قبله"، وما بيّناه من المعنى من التيسير وعدم التنفير.
قال القرطبيّ: أما الكافر الحربيّ، فلا خلاف في إسقاط ما فعله في حال كفره في دار الحرب، وأما إن دخل إلينا بأمان، فقَذَف مسلمًا، فإنه يُحَدُّ، وإن سرق قُطِع، وكذلك الذمي إذا قَذَف حُدّ ثمانين، وإذا سَرَق قُطع، وإذا قَتل قُتل، ولا يُسقط الإسلام ذلك عنه؛ لنقضه العهد حال كفره على رواية ابن القاسم وغيره.
قال ابن المنذر: واختلفوا في النصراني يزني ثم يسلم، وقد شَهِدت عليه بيّنة من المسلمين، فَحُكي عن الشافعي إذ هو بالعراق: لا حَدّ عليه، ولا تغريب؛ لقول الله عز وجل:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}، قال ابن المنذر: وهذا موافق لما رُوي عن مالك، وقال أبو ثور: إذا أقرّ، وهو مسلم أنه زَنَى وهو كافر، أقيم عليه الحد، وحُكِي عن الكوفي أنه قال: لا يحد.
فأما المرتدّ إذا أسلم، وقد فاتته صلوات، وأصاب جنايات، وأتلف