وأما رواية معمر، عن الزهريّ، فساقها البخاريّ - رحمه الله - في "صحيحه"، فقال:
(٦٤٣٤) - حدّثني محمود، حدّثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهريّ، عن أبي سلمة، عن جابر، أن رجلًا من أسلم، جاء النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فاعتَرَف بالزنا، فأَعْرض عنه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حتى شَهِد على نفسه أربع مرات، قال له النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أبك جنون؟ " قال: لا، قال:"أَحْصَنتَ؟ " قال: نعم، فأَمَر به، فرُجِم بالمصلَّى، فلما أذلقته الحجارة فَرّ، فأُدْرِك، فرُجِم حتى مات، فقال له النبيّ - صلى الله عليه وسلم - خيرًا، وصلَّى عليه، لم يقل يونس، وابن جريج، عن الزهريّ: فصلى عليه، سئل أبو عبد الله، هل قوله: فصلى عليه يصح أم لا؟ قال: رواه معمر، قيل له: رواه غير معمر؟ قال: لا. انتهى.
وقوله:"فقال له النبيّ - صلى الله عليه وسلم - خيرًا"؛ أي: ذَكَره بجميل، ووقع في حديث أبي سعيد الآتي:"فما استغفر له، ولا سبَّه"، وفي حديث بريدة الآتي أيضًا:"فكان الناس فيه فرقتين: قائل يقول: لقد هلك، لقد أحاطت به خطيئته، وقائل يقول: ما توبة أفضل من توبة ماعز، فَلَبِثوا ثلاثًا، ثم جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: استغفروا لماعز بن مالك"، وفي حديث بريدة أيضًا:"لقد تاب توبةً، لو قُسمت على أُمَّة لَوَسِعتهم"، وفي حديث أبي هريرة عند النسائيّ:"لقد رأيته بين أنهار الجنة ينغمس"، وفي حديث جابر عند أبي عوانة:"فقد رأيته يتخضخض في أنهار الجنة"، وفي حديث اللجلاج عند أبي داود، والنسائيّ:"ولا تقل له: خبيث، لَهُو عند الله أطيب من ريح المسك"، وفي حديث أبي الفيل عند الترمذيّ:"لا تشتمه"، وفي حديث أبي ذرّ عند أحمد:"قد غُفِر له، وأُدخل الجنة"، ذكره في "الفتح"(١).
وقوله:"وصلى عليه": قال في "الفتح": هكذا وقع هنا عن محمود بن غيلان، عن عبد الرزاق، وخالفه محمد بن يحيى الذُّهليّ، وجماعة، عن عبد الرزاق، فقالوا في آخره:"ولم يصلِّ عليه".
(١) "الفتح" ١٥/ ٦٢٢ - ٦٢٣، كتاب "الحدود" رقم (٦٨٢٠).