للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي نَضْرَةَ) بفتح النون، وسكون الضاد المعجمة، المنذر بن مالك، (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) الخدريّ سعد بن مالك - رضي الله عنهما - (أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ) القبيلة المعروفة، (يُقَالُ لَهُ: مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ) - رضي الله عنه - (أَتَى رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ فَاحِشَةً) اسم فاعل من فَحُش الشيءُ يفحُش فُحشًا، مثلُ قَبُحَ قُبْحًا وزنًا ومعنًى، وفي لغة من باب قتل، وكلُّ شيء جاوز الحدّ فهو فاحش، والمراد به هنا الزنا. (فَأَقِمْهُ عَلَيَّ)؛ أي: أقم الحدّ عليّ، فهو بمعنى قوله في رواية بُريدة الآتية: "فطهّرني"، (فَرَدَّهُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مِرَارًا) تقدّم أنه أربع مرّات، (قَالَ: ثُمَّ سَأَلَ قَوْمَهُ)، وفي رواية بُريدة: "فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبه جنون؟، فأُخبر أنه ليس بمجنون"، (فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا) المراد: الجنون، (إِلَّا أنَّهُ أَصَابَ شَيْئًا) هو الزنا (يَرَى أنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْهُ)؛ أي: مما يترتب عليه من العذاب (إِلَّا أَنْ يُقَامَ فِيهِ الْحَدُّ. قَالَ: فَرَجَعَ اِلَى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَمَرَنَا)؛ أي: بعد الرابعة (أَنْ نَرْجُمَهُ) من باب قتل. (قَالَ) أبو سعيد (فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ) هو الموضع المعروف بالمدينة، وهو مقبرة أهلها، وقال القرطبيّ - رحمه الله -: الغرقد: شجر من شجر البادية كانت في ذلك الموضع، فنُسب إليها، فذهبت تلك الشجرة، واتُّخِذ ذلك الموضع مقبرة، وهو الذي عُبّر عنه في الرواية الأخرى بـ "المصلَّى"؛ أي: مصلَّى الجنائز. انتهى (١).

(قَالَ: فَمَا أَوْثَقْنَاهُ)؛ أي: ما ربطناه بحبل، أو غيره (وَلَا حَفَرْنَا لَهُ)، وفي الرواية الأخرى في "صحيح مسلم": "فلما كان الرابعة حَفَرَ له حُفْرةً، ثم أَمَرَ به، فَرُجِم"، وذكر بعده في حديث الغامدية: "ثم أَمَر بها، فحُفِر لها إلى صدرها، وأمر الناس، فرجموها".

قال النوويّ - رحمه الله -: أما قوله: "فما أوثقناه" فهكذا الحكم عند الفقهاء، وأما الحفر للمرجوم والمرجومة ففيه مذاهب للعلماء، قال مالك، وأبو حنيفة، وأحمد - رحمهم الله تعالى - في المشهور عنهم: لا يُحفر لواحد منهما، وقال قتادة، وأبو ثور، وأبو يوسف، وأبو حنيفة في رواية: يُحفر لهما، وقال بعض


(١) "المفهم" ٥/ ١٠١.