للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المالكية: يُحفر لمن يُرجم بالبينة، لا من يرجم بالإقرار، وأما أصحابنا فقالوا: لا يحفر للرجل، سواء ثبت زناه بالبينة، أم بالإقرار، وأما المرأة ففيها ثلاثة أوجه لأصحابنا، أحدها: يُستحب الحفر لها إلى صدرها؛ ليكون أستر لها، والثاني: لا يستحب، ولا يُكره، بل هو إلى خِيَرة الإمام، والثالث: وهو الأصح: إن ثبت زناها بالبينة استُحِبّ، وإن ثبت بالإقرار فلا؛ ليمكنها الهرب إن رجعت، فمن قال بالحفر لهما احتَجَّ بأنه حُفِر للغامدية، وكذا لماعز في رواية، ويجيب هؤلاء عن الرواية الأخرى في ماعز أنه لم يُحفر له: أن المراد حَفِيرة عظيمة، أو غير ذلك من تخصيص الحفيرة، وأما من قال: لا يُحفر فاحتَجّ برواية من روى: "فما أوثقناه، ولا حفرنا له"، وهذا المذهب ضعيف؛ لأنه منابذ لحديث الغامدية، ولرواية الحفر لماعز، وأما من قال بالتخيير فظاهرٌ، وأما من فرَّق بين الرجل والمرأة، فيَحْمِل رواية الحفر لماعز على أنه لبيان الجواز، وهذا تأويل ضعيف، ومما احتَجَّ به من ترك الحفر حديث اليهوديين المذكور بعد هذا، وقوله: "جَعَلَ يجنأ عليها"، ولو حُفِر لهما لم يجنأ عليها، واحتجوا أيضًا بقوله في حديث ماعز: "فلما أذلقته الحجارة هَرَبَ"، وهذا ظاهر في أنه لم تكن حفرة، والله أعلم. انتهى كلام النوويّ - رحمه الله - (١).

(قَالَ: فَرَمَيْنَاهُ بِالْعَظْمِ)، وفي بعض النسخ: "بالعظام" (وَالْمَدَرِ) - بفتحتين - جمع مَدَرَة، مثلُ قَصَب وقصبَة، وهو التراب المتلبّد، قال الأزهريّ: الْمَدَرُ: قِطَعُ الطين، وبعضهم يقول: الطين الْعِلْكُ الذي لا يُخالطه رملٌ. انتهى (٢).

(وَالْخَزَفِ) - بفتحتين -: الطين المعمول آنيةً قبل أن يُطبَخ، وهو الصلصال، فإذا شُوِيَ فهو الفَخَّار (٣).

قال النوويّ - رحمه الله -: قال أهل اللغة: الخزف: قِطَعُ الْفَخّار المتكسّر، قال: هذا دليلٌ لِمَا اتَّفَقَ عليه العلماء أن الرجم يحصُل بالحجر، أو المدر، أو العظام، أو الخزَف، أو الخشب، وغير ذلك، مما يحصل به القتل، ولا تتعيّن


(١) "شرح النوويّ" ١١/ ١٩٧ - ١٩٨.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٦٦.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ١٦٨.