للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأحجار، وقد قدّمنا أن قوله - صلى الله عليه وسلم - "ثم رَجْمٌ بالحجارة" ليس للاشتراط. انتهى (١).

(قَالَ: فَاشْتَدَّ)؛ أي: أسرع (فَاشْتَدَدْنَا)؛ أي: أسرعنا (خَلْفَهُ، حَتَّى أَتَى عُرْضَ الْحَرَّةِ) بضمّ العين، وسكون الراء؛ أي: جانبها، والحرّة: أرض ذات حجارة سُود، (فَانْتَصَبَ لَنَا)؛ أفي: قام لأجلنا (فَرَمَيْنَاهُ بِجَلَامِيدِ الْحَرَّةِ)؛ أي: حجارتها الكبار، وهو: جمع جَلْمَد بفتح الجيم والميم، وجُلمود بضمّ الجيم، وهو الحجر الكبير، قال امرؤ القيس [من الطويل]:

مِكَرٌّ مِفَرٌّ مُقْبِلٌ مُدْبِرٌ مَعًا … كَجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلْ

وقوله: (يَعْنِي: الْحِجَارَةَ) تفسير من بعض الرواة (حَتَّى سَكَتَ) بالتاء في آخره، هذا هو المشهور في الروايات، قال القاضي: ورواه بعضهم: "حتى سَكَنَ" بالنون، والأول هو الصواب، ومعناهما: مات. (قَالَ) أبو سعيد (ثُمَّ قَامَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خَطِيبًا مِنَ الْعَشِيِّ)؛ أي: في وقت العشيّ، فـ "من" بمعنى "في"، أو هي بمعنى "بعض"، والعشيّ: قيل: ما بين الزوال إلى الغروب، ومنه يقال للظهر والعصر: صلاتا العشيّ، وقيل: هو آخر النهار، وقيل: العشيّ، والعشاء من صلاة المغرب إلى العتمة (٢).

(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("أَوَ كُلَّمَا) الهمزة للاستفهام الإنكاريّ، تقدّمت على العاطف؛ لوجوب الصدارة لها، (انْطَلَقْنَا غُزَاةً) بالضمّ: جمع غاز، وهو منصوب على الحال، (فِي سَبِيلِ اللهِ، تَخَلَّفَ)؛ أي: تأخّر عن الخروج معنا (رَجُلٌ فِي عِيَالِنَا، لَهُ نَبِيبٌ كنَبِيبِ التَّيْسِ)؛ أي: صوت كصوت الفحل عند السفاد، (عَلَيَّ)؛ أي: حتمٌ، أو واجب عليّ (أَنْ لَا أُوتَى) بالبناء للمفعول (بِرَجُلٍ فَعَلَ ذَلِكَ، إِلَّا نَكَّلْتُ بِهِ" أي: جعلته عبرة وَعِظة لغيره. (قَالَ) أبو سعيد (فَمَا اسْتَغْفَرَ لَهُ، وَلَا سَبَّهُ) قال النوويّ - رحمه الله -: أما عدم سبّه، فلأن الحدّ كفّارة له، مَطْهَرَة له من معصيته، وأما عدم الاستغفار، فلئلا يغترّ غيره، فيقع في الزنا؛ اتّكالًا على استغفاره - صلى الله عليه وسلم -. انتهى (٣)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "شرح النوويّ" ١١/ ١٩٨.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤١٢.
(٣) "شرح النوويّ" ١١/ ١٩٨ - ١٩٩.