للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أربع مرّات في نفس ذلك المجلس، وجمع الحافظ بين الروايات، وتقدّم نقل كلامه بتمامه، ولكن الإمام ابن القيّم: يرى أن هذا وَهَمٌ، ودونك نصّه في "تهذيب السنن"، قال - رحمه الله -: وهذا الحديث فيه أمران، سائر طرق حديث مالك تدلّ على خلافهما:

أحدهما: أن الإقرار منه، وترديد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان في مجالس متعدّدة، وسائر الأحاديث تدلّ على أن ذلك كان في مجلس واحد.

والثاني: ذِكر الحَفْر فيه، والصحيح في حديثه أنه لم يُحفر له، والحفر وَهَمٌ، ويدلّ عليه أنه هرب، وتبِعُوه، وهذا - والله أعلم - من سوء حفظ بشير بن مهاجر، وقد تقدّم قول الإمام أحمد: إن ترديده كان في مجلس واحد، إلا ذلك الشيخ ابن مهاجر. انتهى (١).

وقد تقدّم في ترجمته أن الأئمة طعنوا في بشير هذا، منهم الإمام أحمد، فقد قال فيه: منكر الحديث، وقد اعتُبرت أحاديثه، فإذا هو يجيء بالعجب، والبخاريّ، وابن عديّ، وابن حبّان، والعقيليّ، والساجيّ، فلا يُستبعد أن يكون هذا الخلاف من أوهامه، فتفطّن.

ثم رأيت كلامًا للحافظ المنذريّ - رحمه الله - في "مختصره" حيث قال في شأن بشير بن مهاجر هذا ما نصّه: ليس له في "صحيح مسلم" سوى هذا الحديث، وقد وثّقه يحيى بن معين، وقال الإمام أحمد: منكر الحديث، يجيء بالعجائب، مرجئ، متّهَمٌ، وقال أبو حاتم الرازي: يُكتب حديثه، ولا يُحتج به، قال: ولا عيب على مسلم في إخراج هذا الحديث، فإنه أتى به في الطبقة الثانية؛ ليبيّن اطّلاعه على طرق الحديث. انتهى كلام المنذريّ - رحمه الله - (٢).

وقوله: (لَعَلَّكَ أَنْ تَرُدَّنِي كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزًا) هذا صريح في أن قصّتها بعد قصّة ماعز - رضي الله عنهما -.

وقوله: (إِمَّا لَا فَاذْهَبِي، حَتَّى تَلِدِي) قال القاضي عياض - رحمه الله -: معناه: إن


(١) "تهذيب السنن" لابن القيّم ٦/ ٢٥١.
(٢) راجع: "نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية" ٣/ ٣٢١.