أو خُيُوط، ومنه: الْمِشَكُّ، وهي الإبرة الكبيرة، وشَكَكْتُ الصيدَ بالرَّمح؛ أي: نفذته به. انتهى.
ثم يَحْتَمل أن يكون الفعل مبنيًّا للفاعل، والفاعل ضمير المرأة، و"ثيابها" منصوب على المفعوليّة، ويَحْتَمل أن يكون مبنيًّا للمفعول، و"ثيابها" مرفوع على أنه نائب الفاعل، والله تعالى أعلم.
(ثُمَّ أَمَرَ بِهَا)؛ أي: أمر - صلى الله عليه وسلم - الناس برجمها (فَرُجِمَتْ) بالبناء للمفعول، وفي رواية النسائيّ:"فرجمها"، وفيه إسناد الفعل إلى السبب الآمر، وقال النوويّ - رحمه الله -: قوله في بعض الروايات: "فأمر بها فرُجمت"، وفي بعضها:"وأمر الناس فرجموها"، وفي حديث ماعز:"أمَرَنا أن نرجمه"، ونحو ذلك فيها كلها دلالة لمذهب الشافعيّ، ومالك، وموافقيهما أنه لا يلزم الإمام حضور الرجم، وكذا لو ثبت بشهود لم يلزمه الحضور، وقال أبو حنيفة، وأحمد: يحضر الإمام مطلقًا، وكذا الشهود إن ثبت ببينة، ويبدأ الإمام بالرجم إن ثبت بالإقرار، وإن ثبت بالشهود بدأ الشهود، وحجة الشافعيّ أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يحضر أحدًا ممن رُجِم، والله أعلم. انتهى (١).
(ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا)؛ أي: صلّى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على تلك المرأة، وفيه مشروعيّة الصلاة على المرجوم، (فَقَالَ لَهُ عُمَرُ) بن الخطّاب - رضي الله عنه - (تُصَلِّي عَلَيْهَا) بتقدير همزة الاستفهام، ولفظ النسائيّ:"أتصلي عليها" بذكر الهمزة، والاستفهام للإنكار (يَا نَبِيَّ اللهِ، وَقَدْ زَنَتْ؟) جملة حاليّة؛ أي: كيف تصلي عليها، والحال أنها زانية؟، وهذا ظنّ من عمر - رضي الله عنه - أن فعل الفاحشة يوجب منع الصلاة على الميت، (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً)؛ أي: عظيمةً، فالتنوين للتعظيم والتكثير (لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ)؛ أي: لَكَفَتْهم؛ لِكَثْرتها (وَهَلْ وَجَدْتَ) بتاء الخطاب، والخطاب لعمر - رضي الله عنه - (تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى؟) من الجُود؛ كأنها تصدّقت بنفسها لله تعالى، حيث أقرّت عليها بما أدّى إلى موتها؛ يعني: أنها بذلت نفسها في مرضاة الله تعالى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.