للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْخُصُوم: احكم بالحقّ بيننا ونحو ذلك. انتهى (١).

[تنبيه]: وقع في نسخة القرطبيّ في "مختصره": "فقال: يا رسول الله أنشدك إلا قضيت لي بكتاب الله"، بحذف لفظ الجلالة، فقال القرطبيّ: هكذا وقع في صحيح الرواية: "أنشدك" من غير ذكر اسم الله، وهو المراد، لكنَّه حُذِف لفظًا للعلم به، وقد وقع في بعض النُّسخ: "أنشدك الله! "، ومعناه: أُقسم عليك بالله، وكتاب الله هنا: يُراد به: حكم الله إن كانت هذه القضية وقعت بعد نسخ تلاوة آية الرَّجم كما تقدم، وإن كانت قبل ذلك: فكتاب الله محمول على حقيقته. انتهى (٢).

(إِلَّا قَضَيْتَ لِي بِكِتَابِ اللهِ) قيل: فيه استعمال الفعل بعد الاستثناء بتأويل المصدر، وإن لم يكن فيه حرف مصدريّ؛ لضرورة افتقار المعنى إليه، وهو من المواضع التي يقع فيها الفعل موقع الاسم، ويراد به النفي المحصورُ فيه المفعولُ، والمعنى هنا: لا أسألك إلا القضاء بكتاب الله.

ويَحْتَمِل أن تكون "إلا" جواب القسم؛ لما فيها من معنى الحصر، وتقديره: أسألك بالله لا تفعل شيئًا إلا القضاء، فالتأكيد إنما وقع لعدم التشاغل بغيره، لا لأن لقوله: "بكتاب الله" مفهومًا، وبهذا يندفع إيراد من استَشْكَل، فقال: لم يكن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يحكم إلا بكتاب الله، فما فائدة السؤال، والتأكيد في ذلك؛ ثم أجاب بأن ذلك من جَفاء الأعراب، والمراد بكتاب الله: ما حَكَمَ به، وكَتَب على عباده، وقيل: المراد: القرآن، وهو المتبادَر.

وقال ابن دقيق العيد - رحمه الله -: الأول أَولى؛ لأن الرجم والتغريب ليسا مذكورين في القرآن، إلا بواسطة أمْر الله باتباع رسوله - صلى الله عليه وسلم -، قيل: وفيما قال نظرٌ؛ لاحتمال أن يكون المراد ما تضمّنه قوله تعالى: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: ١٥]، فَبَيَّن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن السبيل جلد البِكر، ونَفْيه، ورَجْم الثيّب.

قال الحافظ - رحمه الله -: وهذا أيضًا بواسطة التبيين.


(١) "شرح النوويّ" ١١/ ٢٠٦.
(٢) "المفهم" ٥/ ١٠٤.